زمرة “خلق” الارهابية.. جماعة حاربت شعبها وتقترب من الانهيار

بمناسبة الذكرى السنوية لتأسيس زمرة خلق الارهابية وإخلاء معسكر أشرف:زمرة "خلق" الارهابية.. جماعة حاربت شعبها وتقترب من الانهيار

يبدو انه مع إخلاء معسكر أشرف في العراق، نقترب اكثر فأكثر نحو انهيار زمرة خلق الارهابية، لأن احد اهم خصائصها ، تتمثل في العيش بعزلة بعيدا عن اي صلة بالبيئة الخارجية.

•••ففي السادس من سبتمبر/ايلول عام 1965 تأسست زمرة "خلق" ، التي تحولت بالتالي الى جماعة ارهابية بكل ما للكلمة من معنى.

وفي برهة من تاريخ ايران المعاصر، برزت ضرورة القيام بالنشاط المسلح، والتي تجسدت على شكل تأسيس عشرات المجموعات والزمر المسلحة آنذاك. وبادرت كل واحدة ونظرا للتطورات والمتطلبات الوقتية التي تجاوزتها، الى نبذ السلاح، باستثناء زمرة خلق التي مازالت بصدد تنفيذ هجمات ارهابية مسلحة.

وذكرت منظمة الدفاع عن ضحايا الارهاب، في تقرير لها بمناسبة تأسيس الزمرة، انه لابد من دراسة تأسيس خلق في الظروف السياسية والاجتماعية التي اعقبت قمع النظام الملكي البائد الشديد لنهضة الـ15 من خرداد 1342 هجري شمسي (5 حزيران/يونيو 1963)، ففي تلك السنة قمع النظام البائد بشدة احتجاجات سلمية شعبية انطلقت في الشوارع اثر اعتقال الامام الخميني (رض).

هذا في حين تم وضع القيود على النشاطات الحزبية، بحيث تم اعتقال العديد من اعضاء حزب نهضة الحرية والجبهة الوطنية.

وفي تلك الفترة كانت العديد من شعوب العالم الثالث تعيش حالات ثورية وغليان وثورات ماركسية ضد الاستعمار، وفي مثل تلك الاجواء الداخلية والخارجية، تشكلت المنظمات المتطرفة والمتأثرة بالنظرية الماركسية في ايران، وبهدف اسقاط النظام الملكي، واحد هذه الجماعات زمرة خلق.

وقد تأسست الزمرة عام 1965 على يد محمد حنيف نجاد وسعيد محسن وعلي اصغر بديع زادكان، وكما قيل ان الزمرة تأسست بهدف اسقاط النظام الملكي البائد، وقد اختارت كأغلب المنظمات اليسارية في تلك الحقبة، خيار العنف والسلاح، واعتمدت بالتدريج اساليب المنظمات اليسارية والماركسية في اميركا اللاتينية، ومنها تكتيك حرب الشوارع.

وفي البداية كانت زمرة خلق بصدد احداث تغيير بمساعدة الفقراء والفلاحين، وقد انهمك مؤسسوها بوضع ايديولوجيتها حتى عام 1969، وعلقوا آمالهم على مشاركة الفلاحين، الا ان فشل عملية "سياهكل" ادت الى تغيير رؤيتهم وشعورهم بالإحباط من الفلاحين والقرويين، ففي سياهكل (شمال ايران) سيطر مسلحو زمرة فدائيي خلق بالسيطرة على مخفر وكانوا يأملون ان يؤدي عملهم الى نوع من الانتفاضة والنهضة الشعبية بين القرويين، الا ان عددا من المهاجمين تم القاء القبض عليهم من قبل أهالي القرى انفسهم، والبقية اما قتلوا او حوكموا ثم اعدموا.

وبدأت منظمة مجاهدي خلق كفاحها المسلح منذ اواخر الستينات وبداية السبعينات من القرن الماضي، وإثر تحقيقات السافاك تم الكشف عن المخططات المسلحة لهذه الزمرة وتم القاء القبض على اغلب الاعضاء المؤسسين وعدد من الكوادر الرئيسية لها، ما عد ضربة قاصمة للمنظمة كادت ان تؤدي بها الى الانهيار.

وفي عام 1975 وقع انشقاق كبير بين اعضاء زمرة خلق، فالاكثرية مالت الى الماركسية والاقلية انفصلت تحت عنوان المجاهدين المسلمين والتي بقيت متمسكة بالمبادئ الدينية.

وبالطبع لم يكن هذا الانشقاق مفاجئا. وقد نشبت تسويات دموية بين شقي المنظمة، قتل خلالها عدد من كوادرها من امثال مجيد شريف واقفي.

وفي عام 1979، وبفضل انتصار الثورة الاسلامية، وانهيار النظام الملكي خرج عناصر الزمرة من السجون، لكن بما أنهم شاهدوا ان الثورة انتصرت بالاساليب السلمية لا العنف، قاموا بمعارضتها.

فمن وجهة نظر مجاهدي خلق لابد من القيام بثورة ثانية هدفها ازاحة علماء الدين.

وفي البداية ومن اجل تحقيق اهدافهم حاولوا التقرب من بني صدر، اول رئيس للجمهورية آنذاك، والذي كان على خلافات عميقة مع الحزب الجمهوري ومؤسسيه لاسيما قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي الخامنئي والشهيد بهشتي والشيخ هاشمي رفسنجاني الذين كانوا من ابرز اعضائه، لكن عندما تمت المصادقة على مشروع عدم صلاحية بني صدر للاستمرار في منصب الرئاسة ، اعتمدوا مرة اخرى النشاط الارهابي المسلح.

ففي الـ20 من حزيران/يونيو 1980 وبعد يومين فقط من عزل بني صدر، اعلن رئيس الزمرة مسعود رجوي في بيان له، اعتماد زمرته الهجمات الارهابية المسلحة ضد الجمهورية الاسلامية، وإثر ذلك بدأت موجة من الانفجارات الدموية تهز البلاد، بما فيها حادث التفجير في 28 حزيران/يونيو 1980 (واقعة 7 تير) في مقر الحزب الجمهوري والذي راح ضحيته 72 شخصا من مسؤولي الحزب ومسؤولي البلاد، والتفجير في 30 آب/اغسطس 1980 والذي راح ضحيته رئيس الجمهورية آنذاك الشهيد رجائي ورئيس وزرائه الشهيد باهنر.

وإثر ذلك لجأ قادة الزمرة الى فرنسا ثم الى العراق، ووضعوا امكاناتهم وعناصرهم في خدمة اعداء الشعب الايراني تماما.

وإثر الهزائم المتتالية في استراتيجيتها المعلنة، طرحت الزمرة مواضيع جديدة تحت مسمى الثورة الثقافية، وكانت باكورتها تمثلت في زواج مسعود رجوي مع مريم قجر عضدانلو أرملة مهدي ابريشمجي. اي انه في عام 1985 حدث تحول خطير في الزمرة التي تحولت منذ ذلك الوقت الى جماعة ارهابية خطيرة.

وفي عام 1988 وبسبب احباطاتها المتتالية، وكآخر حربة لها، شن عناصر الزمرة هجوما بمساعدة القوات العراقية والاسلحة الغربية، بهدف السيطرة على طهران، وبعد 3 ايام تكبدت هزيمة فادحة، وفر عناصرها المتبقون الى العراق، وبعد ذلك بدأت الزمرة تفقد عناصرها بسرعة متنامية، مادفعها الى الانهيار التام.

وفي الوقت الراهن، اعتبرت الزمرة ان السبيل الوحيد لبقائها هو استمرارها بنشاطات تجسسية لصالح الاجانب، ساعية للبحث عن مفر لها من خلال التعلق بأذيال القوى الكبرى، لكنها ماتزال بصدد تنفيذ هجمات ارهابية مسلحة، رغم ادعاء قادتها انهم تخلوا عن العنف ، الا ان الادلة تشير الى ان الزمرة فقدت قدراتها على شن هجمات ارهابية إثر نزع سلاحها عام 2003 بعد احتلال أميركا للعراق، بيد ان ذلك لا يعني تخليها عن الارهاب، لأنها لم تصدر اي بيان بهذا الشأن.

واشارت وسائل الاعلام الغربية بما فيها قناة ان بي سي الاميركية الى ضلوع زمرة خلق في اغتيال العالم النووي الايراني مصطفى احمدي روشن بالتعاون مع الموساد الاسرائيلي، كما ان دائرة الامن الفيدرالي الالماني افادت عام 2009 بوجود القدرة لديها على تنفيذ هجمات ارهابية ، ما يشير الى ان "خلق" ماتزال تعتبر جماعة ارهابية خطيرة.

ويبدو انه مع إغلاق معسكر أشرف في العراق، فإننا نقترب أكثر فأكثر نحو موعد انهيار زمرة خلق الارهابية، لأن احد اهم خصائص الفرق، تتمثل في العيش بعزلة بعيدا عن اي صلة بالبيئة الخارجية، والتي اذا زالت فإن اصل وجودها يتعرض للخطر.

 

Exit mobile version