بعد مضي 27 سنة من المغامرات الدامية:واخيرا اخلي معسكر أشرف

 مساء يوم الاربعاء تم اخلاء معسكر أشرف المقر الرئيسي لزمرة رجوي في العراق تبعه اخلاء مخيم العوائل المسمى بمجمع الحرية (الذي اقامت فيه عوائل من اجل مقابلة ابنائهم المحتجزون في معسكر أشرف) ولم يعد فيه احدا حاليا. العوائل جمعت كافة حاجياتها ولم يبقى احدا معتصما خلف اسوار أشرف. رغم ان العوائل لم توفق بلقاء ابنائها بعد مرور ثلاث سنوات ونصف من الاعتصام والثبات الا انه قد قرع طبل افتضاح رجوي وسمع العالم صوته واقتلع احد اكثر السجون الفكرية والفئوية رعبا.

اوائل صيف عام 1986 توجه مسعود رجوي الى العراق واستقبل من قبل مسؤولي نظام صدام حسين انذاك. عندها وضعت تحت تصرفه معسكرات على الشريط الحدودي مع ايران وتم تزويده بكافة مايحتاجه من اموال نقدية ولوجستيك وتدريب من قبل جيش صدام وان معسكر الخالص الذي عرف فيما بعد بمعسكر أشرف وحاليا بمعسكر العراق الجديد هو احد هذه المعسكرات. وعند غزو العراق تم اخلاء وتسليم جميع المعسكرات من قبل امريكا باستثناء أشرف بقي هكذا مقرا لزمرة رجوي وبحماية القوات الامريكية.

استراتيجية رجوي بعد فشله في ضرب رأس النظام ثم فشله في تقطيع اصابعه، هي اللجوء للعيش في شق الحرب بين ايران والعراق. وللوصول الى السلطة بأي ثمن قرر مسعود رجوي ان يقف الى جانب العدو المعتدي ويقاتل ابناء وطنه المدافعين عن تراب الوطن بهذا بادر رجوي الى اقبح انواع الخيانة. ان التعاون مع العدو المتجاوز يعد خيانة لا تغتفر وعقوبتها الاعدام حتى في البلدان التي تنعدم فيها عقوبة الاعدام.

ما هي عقوبة الخيانة بنظر رجوي؟ لقد لوث رجوي اتباعه باقذر انواع الخيانة. ما حكم اي مواطن في اي بلد كان (وبصرف النظر عن نوع الحكم فيه) يتعاون مع عدو في حال حرب مع وطنه؟ من وجهة نظر رجوي ان الاعدام هو عقوبة كل من يترك زمرته. ما هي عقوبة من يقاتل حماة الوطن الذين يدافعون عن اخواتنا واخواننا امام تجاوز العدو الاجنبي؟

خلال تلك السنوات ولاسباب مختلفة توجه افراد المنظمة الى معسكر أشرف، البعض من داخل البلد مؤيدوا المنظمة او اعضائها وراء تحقق امالهم ، فالبعض بسبب ما لديه من مشاكل في البلد توجه الى العراق ملتحقا بمعسكر أشرف على امل الحصول على مكان مناسب للنضال من اجل الرفاه والعدالة الاجتماعية والبعض الاخر لم يسمع طوال حياته باسم منظمة خلق او اسم مسعود رجوي ذهب على امل الحصول على عمل واذا به متورطا في معسكر أشرف.

على اية حال اشترك جميع من دخل معسكر أشرف ولاي سبب وباي شكل بشيء واحد وهو ان معسكر أشرف لم يكن هو المكان المتصوَر وبالطبع لا سبيل للرجوع. ويبدو ان من تطأ قدمه أشرف قد وقع في مصيدة لايمكن التخلص منها. سرعان ما يحول الى رهينة، رهائن لايسمح لهم باي اتصال مع العالم الخارجي مطلقا وحتى مع ذويهم ما عليهم الا الطاعة العمياء لرجوي وطبعا مسؤوليهم المباشرين وحتى ما يرونه من احلام اثناء نومهم ينبغي عليهم أخبار مسؤوليهم بها.

بالموافقة على وقف اطلاق النار وانتهاء الحرب بين العراق وايران عام 1988 وكذلك غزو العراق من قبل قوات التحالف والاطاحة بنظام صدام حسين عام 2003  فان مصير أشرف جرت عليه الكثير من التغييرات ايضا وثبت للجميع ان استراتيجية جيش التحرير الوطني قد وصلت طريقا مسدودا وفشل العمل المسلح لمنظمة خلق بصورة عملية.

لكن رجوي كان اكثر استبدادا وغرورا من ذلك حيث لم يستجب لهذا الواقع واستمر بكل عناد بتدمير حياة اتباعه وسعى الارتزاق على دماء ما يسميهم بـ"الأشرفيين" ليديم حياته المذلة الخائنة في الخفاء. انه لم يتخلى وحتى اللحظة الاخيرة عن هدر وتضييع حياة افراد زمرته في معسكر أشرف.

ذوي المحتجزين لدى زمرة رجوي اعتصموا قرابة ثلاث سنوات ونصف خلف اسوار أشرف لا لشيء الا لمجرد لقاء وإن كان قصيرا باولادهم لكن قساوة رجوي حالت دون ان يحن قلبه على اُم واب طاعنين بالسن او ابن لم يرى امه او اباه لسنوات طوال ويسمح لهم بذلك. انه وسائر زعماء الجماعات الفئوية لا يفكر بشيء الا بالقدرة والثروة والشهوة.

لقد تلوث رجوي بمختلف الجرائم والخيانات الممكنة وكذلك لوث اتباعه وبذا يجب ان يتحمل دفع ثمن ما جرى لانه هو الشخص الوحيد من يتخذ القرارات في منظمة خلق، لم ولن ينفذ اي عمل دون ارادته. طبعا رجوي كان يتصور هذا اليوم بان عليه ان يختفي ويتوارى عن الانظار لانه يعلم جيدا ان عليه دفع الثمن.

مثلما اطلعنا قراء موقع سحر الكرام سابقا بان رجوي في الاجتماعات الصوتية التي عقدها خلال شهر رمضان للافراد المحتجزين لدى الزمرة في مخيم ليبرتي حينها صرح قائلا كل من لم لايرغب بالبقاء فليغادر (قالها بزجر واهانة). الموضوع تسبب بظهور ردود فعل سلبية واسعة بين اعضاء ومؤيدوا المنظمة بصورة بحيث انه ومنذ ذلك الوقت اصبح مسؤولوا زمرة رجوي وبشكل مستمر معرض استفهام واعتراض. الان وبعد اكثر من 10 سنوات لايعرف عن الوقح اين اخفى نفسه.

ولحل هذا الموضوع جاء رجوي بـ "زهره اخياني" لتبرره بان ما يقصده مسعود رجوي هم اولئك الذين تركوا زمرته. وهذا بالضبط مصاق للمثل القائل العذر أسوأ من الخطيئة. هل ان من يترك زمرة رجوي يجب ان يعرض للاهانة ويتعامل معه بهذه اللهجة؟ اذا كان التعامل الظاهري والرسمي مع المنشق هكذا فكيف سيكون التعامل معه في الخفاء وبعيدا عن الانظار؟

الموضوع الاخر الذي اوجد حالة استفهام واسعة هو ان رجوي اعتبر نفسه مجرد المسؤول عن اخرة (يوم القيامة) افراده. الموضوع تسبب بقلق للكثير لان رجوي يعتبر نفسه زعيم ومسؤول المعارضة واسقاط النظام، يبدو انه بهذه الصورة الواضحة يحاول التملص عن تحمل عبء المسؤولية. أولئك الذين غسلوا ايديهم من كل شيء من اجل رجوي لم يأتوا لمجرد العمل من اجل اخرتهم لا بل ارادوا وبحسب وعود رجوي ان يجعلوا من ايران بلد حر مزدهر ومجتمع لاطبقي. مثل هذا التعامل يوحي للذهن النهاية المأساوية للجماعات الفئوية الاخرى حيث تختم وجودها بقتل جميع اعضائها وانهم سعداء بذلك.

التكفيريون في سوريا هم افراد قد غسلت ادمغتهم وبشّروا إن قتلوا فسيحشرون مع النبي وينالون اعلى المراتب في الجنة. ويبدو ان رجوي قد افترش هذا البساط واخذ بتحويل افراده الى الآخرة. على هذا الاساس فان الكارثة الانسانية في أشرف كانت بشرى من رجوي لاتباعه بنصرهم وسعادتهم.

اثناء مجزرة أشرف واغلاق هذا المعسكر صدرت اصوات الجميع باستثناء رجوي. لماذا التزم رجوي الصمت ولم يتفوه بشيء؟ مسعود رجوي مقابل المأساة الدامية في أشرف ثم اخلائه واغلاقه التزم الصمت لحد الان ولم يخرج انفاسه. بالطبع ليس لديه شيء لقوله. حاليا هو يخطط للعمل على القضاء على حياة المتبقين من قواته في ليبرتي ليكون ذلك وقود بقائه على قيد الحياة. انه لم يعتبر نفسه مسؤولا امام اي احد مطلقا. انه لا يفكر إلا في كيفية مصرف قواته في العراق لحصوله على فترة تقاعد جيد له في اوربا.

دراسة تفصيلية لظهور وسقوط معسكر أشرف وسنوات ماضي منظمة خلق ووضعيت قائدها نتركها للخبراء المتخصصين. ما يخص مؤسسة أسرة سحر فان معسكر أشرف قد انتهى لكن يجب التفكير بانقاذ الاسرى المحتجزين في ليبرتي. الله هو العالم بما خطط رجوي لهم من فاجعة. يجب علينا جميعا أن نتكاتف للافراج عن الرهائن الذين في قبضة رجوي ولن نسمح له الارتزاق على دمائهم من اجل بقائه على قيد الحياة.

Exit mobile version