بداية التمرد العسكري و عمليات الاغتيال

في السابع و العشرين من حزيران من عام 1980 عزل مجلس الشوري الاسلامي في إيران رئيس الجمهورية بني صدر لعدم الكفاءة و التسبب في تأزيم الأوضاع و مواقفه غير القانونية تجاه آية الله الخميني.

و في عصر يوم 30 من حزيران 1980 أقرَّ البرلمان الايراني بعدم صلاحية و كفاءة بني صدر للحكم، و في ذلك الوقت خرج أفراد المنظمة و أنصارها في طهران و بعض المدن الأخري الي الشوارع ليعلنوا أول تمرد عسكري ضد نظام الجمهورية الاسلامية بعد الثورة، و نقلت وكالات الأنباء ذلك الخبر و ذكرت وكالة رويترز أن عدد المسلحين في طهران وصل الي ثلاثة آلاف مسلح و قاموا بإحراق السيارات و الدراجات النارية و لم تسلم الباصات من أيديهم و قاموا بقتل و إصابة العشرات من الأهالي.

و في اليوم الثاني من التمرد بدأ بشكل رسمي النشاط العسكري للمنظمة حيث بدأت الاشتباكات المسلحة و عمليات التفخيخ التي مهدت لظاهرة الاغتيالات الواسعة التي حدثت في البلد.

و بعد إجراء الانتخابات التكميلية لأعضاء مجلس الشوري الايراني و في يوم الجمعة المصادف للخامس من تموز يوليو طلب إمام جمعة طهران وقتها آية الله الخامنئي في صلاة الجمعة من الشباب و فتيان المنظمة أن يعملوا العقل و الفكر قبل أن ينخرطوا في مخططات رؤسائهم المتمردين.

و بالتنسيق مع رئيس الجمهورية بني صدر المعزول من منصبه و كذلك رجوي الذي يدير شؤون المنظمة تم إتخاذ القرار باغتيال الزعامات في نظام الجمهورية الاسلامية، و قد بدأ ذلك بمحاولة الاغتيال التي تعرض لها آية الله الخامنئي في السادس من تموز من ذلك العام و ذلك في انفجار قنبلة كانت موضوعة في جهاز للتسجيل علي منصة الخطابة التي كان يلقي من خلالها خطابه في أحد المساجد في جنوب العاصمة طهران، و قد أصيب السيد الخامنئي علي أثر ذلك بجراحات عميقة، و قد حملت وسائل الاعلام و المسؤولين الحكوميين في وقتها منظمة مجاهدي خلق مسؤولية الحادث، و قد تبين فيما بعد أن أحد أعضاء القيادة المركزية في المنظمة و هو “جواد قديري” كان العقل المدبر لعملية التفجير و الاغتيال التي تعرض لها آية الله الخامنئي.

و في يوم السابع من شهر تموز من عام 1980، حدث إنفجار هائل في مقر حزب الجمهورية الاسلامية، حيث استشهد علي أثر ذلك آية الله بهشتي و أكثر من 72 من مسؤولي النظام و كان أحد أعضاء المنظمة المتغلغلين داخل الجهاز الحاكم و هو “محمدرضا كلاهي” كان من دبرَّ الانفجار.

و مع أن الضربة التي تلقّاها النظام نتيجة للانفجار كانت ضربة موجعة، و كان بني صدر و رجوي يتوقعان إنهيار النظام نتيجة لذلك، لكن بسبب الدعم الشعبي و المشاركة الجماهيرية الواسعة في مراسيم تشييع قتلي الإنفجار، إرتفعت صيحات المعترضين ضد الأعمال العسكرية التي تقوم بها المنظمة.

تم طرح مخطط إغتيال آية الله بهشتي في القيادة المركزيه للمنظمة لأول مرة في عام 1974 للميلاد و أن الشيء الذي أورثه تقي شهرام لمسعود رجوي هو التحسس من وجود آية الله بهشتي و بذل ما يمكن من أجل استئصاله معنوياً و جسدياً.

لأكثر من شهر مكث بني صدر بين أعضاء المنظمة في البيوت التنظيمية و السرية، و كان يتوقع إنه و نتيجة للتمرد المسلح و اغتيال قادة النظام، ستنزل الجماهير الي الشوارع لإعلان دعمها له و للمنظمة، و أن يقوموا بالإطاحة بالنظام من خلال حركة شعبية.

لكن الصورة إنقلبت، حيث أبدت الجماهير مشاعرها و تجاوبها مع آية الله الخميني و أنصاره، و أعلنوا صراحة رفضهم للمماسات العسكرية التي قام به إئتلاف بني صدر- رجوي، هذا الموقف الشعبي أطاح بآمالهما ولاسيما المشاركة الواسعة من أفراد الشعب في إنتخابات رئاسة الجمهورية التي وقعت بعد شهر واحد من إعلان التمرد، و ذلك في الثاني من شهر آب اغسطس حيث إنتخب الشعب الايراني محمد علي رجائي و لم يتح لهم الإفراط في الأماني.

في الساعة الحادية عشرة من ظهر يوم الثلاثاء المصادف للسادس من آب من عام 1980 تمكن بني صدر و مسعود رجوي من الهروب من إيران بعد تدبير الأمر مع أعضاء المنظمة المتغلغلين في القوة الجوية و ذلك عبر طائرة وقود من نوع بوينغ و الذي كان يقودها الضابط معزي و هو الطيار المختص بشاه إيران، و قد هبطت طائرتهما في مطار عسكري في باريس و حصلا علي اللجوء السياسي من قبل الحكومة الفرنسية، و في ذلك الوقت أعلن رجوي و بني الصدر انه لم يبق من عمر النظام أكثر من شهرين، و علي أثر ذلك إستخلف رجوي “موسي خياباني” علي قيادة المنظمة.

و في اليوم الثامن من أيلول / سبتمر من عام 1980 و بعد تنصيب محمد علي رجائي لرئاسة الجمهورية بعد عزل بني صدر حدث إنفجار هائل في مكتب رئاسة الوزراء حيث قتل في هذا الانفجار رئيس الجمهورية الإيراني “رجائي” و رئيس حكومته “محمد جواد باهنر “.

و قد وضعت القنبلة من قبل شخص متغلغل في الجهاز الحكومي و يدعي “مسعود كشميري” و كان المخطط الأول يستهدف منزل آية الله الخميني، لكن بعدما وجدوا صعوبة المحاولة قاموا بتنفيذها في مكتب رئاسة الوزراء.

و كان مسعود رجوي يقول بعد ذلك لرئيس جهاز مخابرات العراق “الضابط حبوش” ان “البيت الأبيض و قصر الأليزية كانوا علي إتصال فيما بينهم، و كانوا علي علم بالضبط من الذي فجر الحزب الجمهوري في ايران و أية جماعة قامت بالعمل العسكري ضد رئيس الجمهورية و رئيس الوزراء، فكانوا يعلمون علم اليقين بذلك لكنهم مع ذلك لم يطلقوا علينا صفة الارهابيين”، و بعد تلك التحركات العسكرية كانت تقوم المنظمة بعدد من الأعمال الخشنة و العنيفة بين الناس،و كانت تستنفر بعض أفرادها و هم عادة من الفتيان للخروج في تظاهرات مسلحة و علي شكل مجموعات “كل مجموعة تمثل 25 شخصاً” و ذلك من أجل كسب ود الجماهير و دعمها من أجل الإطاحة بالنظام، و كان من تلك الأحداث التظاهرات المسلحة التي نفذتها المنظمة في الخامس من أيلول سبتمبر من عام 1980 حيث شارك عدد من أعضاء و أنصار المنظمة المسلحين في تظاهرات في بعض المناطق الحساسة في طهران، و بمساعدة الأهالي تمكنت القوات الأمنية من إعتقال الكثير منهم.

و بسبب الدعم الشعبي للنظام الاسلامي و كراهيتهم للمنظمة و قيادتها، تمكنت قوي الأمن الداخلي و بالدعم المعلوماتي الذي كانت تحصل عليه من أفراد الشعب تمكنت و بسرعة من ضبط الأوضاع في البلد، و كشف البيوت السرية للمنظمة، و نتيجة لحالة الاحباط التي أصيب بها أفراد المنظمة و أنصارها أخذوا يقتلون الناس بشكل اعتباطي ويغتالون الأفراد لمجرد الشك بولائهم للدولة، و علي أثر ذلك قتل الكثير من أبناء الشعب و لاسيما في العاصمة طهران و هم ينتمون الي شرائح مختلفة من العمال و المعلمين لمجرد أن ظاهرهم ينم عن كونهم من فئة المتدينين، و كانوا يقتلون الشخص لمجرد انه وضع صورة آية الله الخميني في محله التجاري.

و خلال عامين أي 1980 و 1981 قتل أكثر من 366 شخصاً من أفراد الشعب البسطاء في مدينة طهران، و قد تبين أن 53 بالمئة من هؤلاء الأشخاص كانوا يعملون موظفين في دوائر الدولة، و أن 36 بالمئة منهم كانوا ينتمون الي الحرس الثوري و الجيش و التعبئة و الشرطة.

و أما بالنسبة إلي الآخرين فإن 64 بالمئة من الذين تم اغتبيالهم كانوا من أفراد الشعب البسطاء الذين كانت لديهم مشاغل عامة، و أن جريمتهم الوحيدة كانت تتمثل في ظاهرهم الذي كان يدل علي كونهم من المتدينين.

فرق الاغتيال التابعة للمنظمة استهدفت أيضاً أئمة الجمعة في ايران و قامت باغتيال رجال مثل آية الله صدوقي “إمام جمعة يزد”، و آية الله دستغيب “إمام جمعة شيراز”و آية الله مدني “إمام جمعة تبريز” و كانو شيوخاً كبارا في العقد السابع من أعمارهم.

لكن المنظمة كانت شئياً فشيئاً تتهشم و تضعف نتيجة الضربات الموجعة التي كانت تتكبدها من القوي العسكرية و الشعبية و في اليوم التاسع عشر من شهر فبراير من عام 1980 تم كشف البيت السري و المقر الرئيسي و القيادي للمنظمة، و في هجوم لأفراد الحرس الثوري علي ذلك المقر تم قتل الرجل الثاني في المنظمة و هو “موسي خياباني” بالإضافه الي زوجة مسعود رجوي “أشرف ربيعي” و عدد آخر من الأعضاء القياديين و البارزين في المنظمة، و في تلك الواقعة أُغلق تقريباً ملف مجاهدين خلق في الداخل، حيث كشفت في عام 1981 بقية البيوت السرية المتبقية للمنظمة و اعتقل جميع أعضائها.

و بعد تلك الضربات الموجعة و العنيفة التي تلقتها المنظمة حاوت أن تظهر نموذجاً جديداً من الحرب النفسية حيث قامت مجموعة العمليات التكتيكية باختطاف ثلاثة من أفراد الحرس الثوري و قامت بتعذيبهم و ذلك في سبيل بث الرعب و الخوف بين صفوف الناس و إضافة الي أولئك اختطفوا أيضاً ثلاثة من أفراد العامة حيث كان أحدهم اسكافياً و الآخر معلماً و الثالث موظفاً لدي الدولة.

و قد عذبوا بشكل مفجع حتي الموت، و ترك ذلك أثراً سلبياً حتي لدي أفراد المنظمة، و لم يشهد تاريخ المنظمات السياسية و العسكرية في العالم مثل تلك الحادثة، و لم يحدث لها شبيهاً في العالم، و قد سجلت المنظمة اسمها كأول منظمة سياسية تقوم بمثل هذه الأعمال، و قد اعترف المنفذون بهذه العمليات في عام 1983 عبر وسائل الاعلام في ايران بجميع تفاصيل عملية التعذيب التي قاموا بها مما أثار استغراب و دهشة الشعب الايراني.

مواقف المنظمة بعد انتصار الثورة الاسلامية/ “مجاهدو خلق”من.6

إعادة بناء المنظمة في المعقتل/ “مجاهدو خلق” من.5

تغيير العقيدة/”مجاهدو خلق” من…4

مجاهدين خلق” من عهد الجهاد إلى عهد “النفاق3

” مجاهدين خلق” من عهد “الجهاد” إلى عهد “النفاق”2

Exit mobile version