معسكر أشرف: مدينة عسكرية مبانيها تحاكي الطراز الإيراني.. وأراجيحها دون أطفال

ضابط عراقي مسؤول عن مخيم «مجاهدين خلق»: السكان عبيد لقادتهم.. ويخافون المغادرة
إيرانية تحمل صورة ابنها وهي في انتظار دخول معسكر أشرف، شمال شرقي بغداد، منذ 9 أيام لمقابلة أقاربها
 معسكر أشرف (العراق):
مثل كل مشكلات العراق، لا يبدو أن هناك إجابة طيبة فيما يتعلق بمعسكر أشرف؛ وذلك حيث تصاعدت حدة التوتر، خصوصا مع اقتراب رحيل الجنود الأميركيين. ما الذي يجب أن نفعله حيال عدة آلاف من المتمردين الإيرانيين المدربين على استخدام المتفجرات والبارعين في استخدام الدبابات والبنادق الآلية والذين يسعون لتغيير نظام الحكم في طهران؟
يذكر أن جماعة «مجاهدين خلق» التي تعيش هنا في العراق لها تاريخ طويل وعاصف، فقد قتلت الأميركيين وأيدت الهجمة على سفارة الولايات المتحدة في إيران في السبعينات، وقد منحها صدام حسين ملجأ في العراق. ولكن بعد الغزو الأميركي للعراق في 2003 حظيت المجموعة بحماية الولايات المتحدة بعدما زودتها بمعلومات حول برنامج إيران النووي، وذلك على الرغم من أن الولايات المتحدة ما زالت تنظر إليها كمنظمة إرهابية.
وقد بدأت الحكومة العراقية بالتحالف مع إيران (عدو المجموعة) تفقد صبرها، ففي يوليو (تموز) شن الجيش العراقي غارة على المعسكر بحجة الرغبة في تأسيس قسم شرطة هناك، وقد فتح جنود وضباط الشركة النيران على الأشخاص وساروا فوقهم بالسيارات العسكرية مما أسفر عن مقتل 11 وجرح أكثر من 500. فالحكومة تريد أن تزيح المجموعة من العراق.
ومن جهته يقول علي العلاق، مستشار رئيس الوزراء نوري المالكي، في حوار أجري معه مؤخرا: «إن هدفنا هو إخراجهم من البلاد. فلدينا ما يكفينا من المشكلات».
وكانت هناك مواجهات منذ حادثة الهجوم على المعسكر في يوليو (تموز)، وذلك على الرغم من أن كلا من العراق وأعضاء معسكر أشرف لديهم مخاوف بشأن اندلاع جولة جديدة من العنف إذا لم يتم التوصل إلى حل في وقت قريب.
ومن بين عدة شكاوى يقول أعضاء المعسكر إن الجيش العراقي يمنع في بعض الأحيان وصول الوقود والطعام لهم كما يمنعهم من الدخول والخروج.
يذكر أن العراق يمنع كذلك المؤسسات الإخبارية ومعظم جماعات حقوق الإنسان من دخول معسكر أشرف منذ غارة يوليو (تموز)، ولكن الحكومة سمحت لمحرر ومصور داخل المعسكر خلال الأسبوع الماضي بإجراء لقاءات مع أعضائه وأقاربه.
وخلال الزيارة كان التوتر بين الجماعة وقوات الأمن العراقي واضحا، فقد قالت الشرطة العراقية ووحدات الجيش إنهم كانوا يبقون داخل أقسام الشرطة بعد الغارة، ولم يكن لديهم اتصال بالمعسكر خوفا من أن يتعرضوا للهجوم.
ويتم تمشيط قطاع كبير من المعسكر الذي تبلغ مساحته 14 ميلا مربعا من قبل أعضاء غير مسلحين من المعسكر، كما يظهر الجنود الأميركيون كذلك في المعسكر.
وفي الوقت الذي قال فيه القيمون بمعسكر أشرف إن القوات العراقية تزايد على إيران، وصف المسؤولون بالجيش العراقي أعضاء «مجاهدين خلق» بأنهم عبيد لقيادتهم وأنهم خائفون من أن يغادروا أو يتحدثوا للضباط والجنود بالشرطة العراقية.
فيقول الكولونيل سعدي حبيب الدليمي الذي يشرف على المعسكر: «إن ذلك ليس مجتمعا مدنيا، بل إنه نظام عسكري سياسي معقد، فلا أهمية للآراء الشخصية، ولا يستطيع الأفراد فيه اتخاذ القرارات. فإذا أمرك أحد القادة بالمعسكر أن تموت فسوف تموت».
ويشبه المعسكر مدينة عسكرية صغيرة، إلا أنها أكثر أناقة، حيث يحتوي على بحيرة صناعية، وملاعب رياضية، وسوق تجارية، ومستشفى، وصفوف من أشجار الحور، ومعظم هذه الأبنية بما في ذلك أحد الجوامع هي محاكاة دقيقة لمبانٍ إيرانية.
وفي إحدى حدائق «أشرف» توجد مجموعة من الأراجيح الضخمة دون وجود أطفال في الجوار. ويقول قادة المعسكر إن الأطفال قد انتقلوا قبل عدة سنوات نظرا للطبيعة العسكرية للمجموعة التي شنت في الماضي هجمات على إيران واغتالت مسؤولين إيرانيين وتعرضت للصواريخ الإيرانية. كما أن المعسكر منذ الغارة أصبح بين شقي الرحى.
يذكر أن الأمم المتحدة والعراق كانا يبحثان عن الدول التي يمكنها استضافة مواطني معسكر أشرف، ولكنهم واجهوا صعوبات في إقناع تلك الحكومات. ومن جهة أخرى رفض معظم المقيمين فكرة العودة إلى إيران ـ معظمهم يحمل الجنسية الإيرانية ـ حتى لا يتعرضوا للإعدام، ولكنهم أكدوا في الوقت نفسه أن الحياة في المعسكر منذ تلك الغارة أصبحت غير محتملة.
فيقول حسين مرادي، 46 عاما، المهندس الكهربائي الذي يعيش في المعسكر منذ 22 عاما: «لقد تدهور الموقف، والناس في قلق دائم، فنحن نحتاج إلى ما يضمن لنا ألا يتعرض المعسكر للهجوم مرة أخرى».
وفي تصريح حديث قالت الأمم المتحدة: «نحتاج إلى جهود على كافة الأصعدة لتقليل التوتر والبحث عن حلول»، كما طالبت «المجتمع الدولي بأن يقدم المساعدات المطلوبة في هذا الشأن بما في ذلك إعادة توطين هؤلاء الأشخاص في دول أخرى».
وخلال زيارة معسكر أشرف كانت مجموعة من العائلات تنتظر لعدة أيام خارج بوابات المعسكر كي تلتقي بأقاربها، حيث لم يكن الجيش العراقي يسمح لهم بالدخول، كما كان المقيمون يرفضون الذهاب إلى بوابة المعسكر.
وكانت روايات عائلات المقيمين بالمعسكر متناقضة إلى حد كبير مع روايات أعضاء المعسكر، فقد قالت أُسر أعضاء المعسكر إن أقاربهم قد اختطفوا أو انضموا إلى ذلك المعسكر بالخديعة، بينما قال المقيمون في المعسكر إنهم ذهبوا بمحض إرادتهم.
فتقول نسرين لوفتي زادة، 60 عاما، إنها كانت تنتظر خارج المعسكر منذ تسعة أيام لكي تزور ابنتها، سوزان بني هاشمي، 45 عاما. فتقول: «ليس لها علاقة بالسياسية أو بالأنشطة المناهضة للحكومة الإيرانية. ليس لدي فكرة لماذا أتت إلى هنا». وأضافت أنه خلال زيارة قبل خمسة أعوام كانت ابنتها «خائفة من كل شيء، حتى الجدران المحيطة بها».
ولكن في ذلك اليوم كانت استجابات السيدة سوزان تبدو آلية للغاية فتقول: «لقد تركت إيران بمحض إرادتي. وكنت على وشك أن أعدم نظرا للأنشطة التي أمارسها».
وعندما سئلت عن سبب رفضها لمقابلة والدتها قالت إن الاستخبارات الإيرانية قد أجبرت والدتها على أن تأتي حتى يبدو الأمر وكأنني محتجزة ضد إرادتي. وأضافت: «على الرغم من أنني أحب أن أراها فمن الأفضل أن لا أفعل لأنه في تلك الحالة سوف يمارس النظام الإيراني المزيد من الضغوط عليها».
ومن جهة أخرى تقول السيدة زادة إن ابنتها تعرضت للاغتصاب الجماعي على يد قادة «أشرف»، وإن النساء الأخريات داخل المعسكر تعرضن للأمر نفسه. ولكن السيدة سوزان أنكرت أن تكون تعرضت لمثل تلك الأشياء، فتقول: «إن مزاعمهم ليست جديدة، فتلك هي إحدى المؤامرات القذرة التي يقوم بها النظام الإيراني لكي يحطم إرادة النساء».
وبعد ذلك بيومين التقت الأم وابنتها ولكن السيدة سوزان قالت إن اللقاء كان مشحونا بالتوتر، فتقول: «عندما أدركت أنني غير مستعدة للعودة أهانتني وصفعتني». ولم يقررا إذا ما كانا سوف يلتقيان مرة أخرى أم لا.
خدمة «نيويورك تايمز
تيموثي وليامز

Exit mobile version