آن أوان طرد هذه المنظمة الإرهابية من العراق

التهم المتواترة ، والتشكيك المشبوب حول النتائج الانتخابية ، الذي تصبه بعض الأحزاب والكتل السياسية الوطنية على عمل المفوضية المستقلة العليا للانتخابات في العراق ، طال بشكل أو آخر منظمة مجاهدي خلق ، ودورها في التلاعب بالنتائج الانتخابية عن بعد….
أقول إن صحّت هذه التهم والشكوك أم لم تصح ، وسواء ما قيل حقا ً كان أم باطلا ً ، ففي الأحوال والظروف كلها قد آن الأوان لإبعاد هذه المنظمة التي وصِفت منذ تأسيس ما يسمى ب ( المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ) على يد مسعود رجوي في 21 تموز 1980بالتطرف ، وصُنِفت عالميا ً كواحدة من المنظمات الإرهابية الدولية ، التي تلطخت أياديها بدماء الأبرياء الزكية ، و أزف موعد ترحيلها من العراق ، احتراما ً وتقديرا ً ووفاءً لأرواح الشهداء في وطننا وفي كل مكان آخر من العالم ، من الذين سقطوا جراء حماقة وسفالة الإرهاب. ولا عجب في أن إعلان تأسيس هذا المجلس يكاد يكون متزامنا ً مع إعلان صدام حسين حربه على الحكومة الإيرانية !..
ليس بعيدا ً عن أحد ٍ دور منظمة مجاهدي خلق في العشرات من التفجيرات ، في إيران ، التي راح ضحيتها الكثير من المدنيين رجالا ً ونساءً وأطفالا ً.. ولكن ما حدث أو يحدث في إيران ليس من صلب اهتمامنا ، إن ما يهمنا حقا ً هو ما قامت بفعله هذه المنظمة على الأراضي العراقية حصراً وما طال العراقيين من ظلمها.
إن العراقيين لا يمكن أن ينسوا الأعمال الإرهابية لمجاهدي خلق خلال تصديها ـ جنبا ً إلى جنب مع زمر العفالقة المقبورين ـ في ضرب الانتفاضة الشعبية الباسلة عام 1991 م. وقبل ذلك كان لها مواقف خسيسة في مواجهة الجنود العراقيين المنسحبين من جحيم المعارك الدامية مع إيران ، وكيف ساهموا في القبض على عشرات الجنود وتسليمهم إلى مفارز الإعدام ، التي أوجدتها مخابرات النظام البائد للحيلولة دون تراجع الجيش من خضم تلك المعارك… كما أن هنالك الكثير من الشكوك التي تساور الأذهان حول تدخل هذه المنظمة في الشأن الداخلي ومحاولتها التأثير في رسم المشهد السياسي الملائم لأعداء العراق ، أضف إلى ذلك الشكوك المتزايدة حول قيامها بتقديم الإسناد للأعمال الإرهابية الجارية في العراق ، على الأخص في محافظة ديالى ، منذ سقوط الصنم وحتى اليوم. وما لمسناه مباشرة ً من أفعالهم هو قيام جماعات من معسكر أشرف بمحاولات ٍ تحريضية متواصلة عبر البريد الألكتروني ، وذلك بمخاطبة المثقفين العراقيين بسلسلة من الرسائل الألكترونية الموجهة لمعاداة إيران ومعاداة حكومتنا الوطنية والتطاول عليها ، وكنت أنا واحدا ً ممن تسلمت هذه الرسائل عبر بريدي الألكتروني ، والتي لم يتوقف زخمها حتى قيامي بالرد عليها ردا ً حادّا ً وحازما ً. إن الكثير من المثقفين الوطنيين الغيورين قد فعلوا الأمر ذاته ، وأخص بالذكر القاص العراقي المعروف موسى غافل الشطري. إنهم يمارسون الأمر بكل غباء متناسين في الوقت ذاته ( أن للضيف الدار وليس أهل الدار( !..
أعتقد أن هذه الأعمال العدائية هي غيض من فيض وما خفي كان أعظم…
إن ما يثير الاستغراب حقا ً هو موقف التهاون والارتخاء إزاء هذه المنظمة ، سواء من قبل حكومتنا أم من قبل الأحزاب والكتل الوطنية أيضا. إن هذا الموقف يثير في النفوس أسئلة مريرة كثيرة : إن العراقيين لا يمكن أن ينسوا الأعمال الإرهابية لمجاهدي خلق خلال تصديها ـ جنبا ً إلى جنب مع زمر العفالقة المقبورين ـ في ضرب الانتفاضة الشعبية الباسلة عام 1991 م. وقبل ذلك كان لها مواقف خسيسة في مواجهة الجنود العراقيين المنسحبين من جحيم المعارك الدامية مع إيران ،
ـ هل هم مسيطرون على أراضينا ولا نتمكن من إبعادهم عنها؟..
ـ هل هم مُحتلون أيضا ً إلى جانب الأمريكان؟..
ـ هل هم مستأجرون لأراض ٍ عراقية ويدفعون لقاء ذلك بدلات إيجار إلى الدولة؟..
ـ أم هم مفروضون علينا وفق اتفاقات ومعاهدات دولية؟..
وعلى هامش هذه الأسئلة يمكن القول بأن مدينة أشرف أصبحت تشكل جيبا ً سياسيا ً في الجسد العراقي يثير الخشية والظنون..
إنهم بلا شك جاؤوا ضيوفا ً ، ولكنهم ما برحوا يدكون سقف البيت الذي آواهم دكا ً عنيفا ً ، الأمر الذي لا يحتمله رب البيت ولا يرتضيه ساكنوه.
إن الاستمرار في إيواء واحتضان هذه المنظمة الإرهابية لا يمكن تفسيره إلا ّ باعتباره سكوتا ً وركونا ً إلى الإرهاب أيضا..
لماذا لم يتم التعامل مع هذه المنظمة وفق الثوابت الوطنية التي ترى في وجودها انتقاصا ً لسيادتنا الوطنية؟.. وإذا كانت الحكومة ـ وأي جهة مدافعة عن تواجد المنظمة ـ بحاجة إلى أدلة وشهود ثبوتية ، فهنالك اللآلاف من المواطنين الذين سوف يتطوعون للإدلاء بشهاداتهم حول الدور السلبي الذي قامت وتقوم به مجاهدي خلق في العراق. إن استمرار بقاءها يمثل تحديا ً سافرا ً لعزة وكرامة الأمة العراقية التي عانت من القتل والظلم والترويع على يد الأهل والأقارب والأصدقاء والجيران ، أكثر مما عانته أية أمة أخرى من أمم العالم الحديث.. وهذه الأمة ترى في استمرار تواجد المنظمة على أراضيها ، الذي يشبه التواجد الاستعماري ، مساسا ً بمشاعر وتطلعات الوطنيين الشرفاء..
لقد آن الأوان للحكومة أن تتصرف وفق القوانين والأعراف الوطنية والعالمية حيال هذه المنظمة التي أصبح مجرد وجودها يثير الكثير من الشكوك والأسئلة بصدد سلامة الأمن وسلامة تدفق العملية السياسية الجارية في العراق.
وفي الوقت الذي نقدّر فيه وضع حكومتنا الوطنية بأنها إزاء رغبات محافل دولية كبيرة ـ في طليعتها المحفل الأمريكي ـ تتطلع إلى استمرار تواجد مجاهدي خلق على الأراضي العراقية ، لتحقيق غايات جرى تكريسها مسبقا ً، ولربما تجد الحكومة العراقية نفسها في وضع حرج أمام المسوغات الاستعمارية لتلك الدول يضطرها إلى السكوت مؤقتا ً ، وحيث يشعر الجميع ـ في داخل العراق وخارجه ـ أن هذه المنظمة باتت ضيفا ً ثقيل الظل جاثما ً على صدر العراقيين. إن حكومتنا تعلم ، مثل أي حكومة أخرى ، بأن فردا ً واحدا ً من أفراد البيت لو استثقل الضيف فما على الضيف إلا ّ الرحيل ، فكيف الحال مع هذه المنظمة التي بات يستثقلها الملايين من أبناء وطننا؟!..
إن أي مسوغ يبرر استمرار تواجد هذه المنظمة ، ومهما كان شكله ولونه ،غير مقبول تماما ً ً ، إن الأمر يستفزنا ويستنفرنا للعمل الحثيث على طرد هذه المنظمة من العراق اليوم قبل الغد. وإن أية مماطلة في كسب الوقت والعمل على إبقاء هؤلاء المجاهدين التعساء إلى أطول وقت ممكن إنما يكون على حساب مشاعرنا الوطنية ، وعلى حساب أمننا الوطني.
إنني أثق بأن أغلبية العراقيين يشاطرونني الرأي إذا قلت بأن العراق سيكون أفضل حال ٍ وأنظف مطرح ٍ برحيلهم. كما سيبدو جبين الحكومة أكثر نصاعة وإشراق حينما تشير بسبابتها إلى الطريق الذي ينبغي أن يسلكه أولئك الأغراب مبتعدين عن العراق..
آن الأوان لنا جميعا ً أن نقول بصوت ٍ واحد ٍ ( ليس العراق البلد الوحيد على خارطة العالم ، هنالك العشرات من الأوطان ، وبإمكان مجاهدي خلق أن يعثروا في واحد ٍ منها على ملجأ أفضل مرتع ٍ وأوفر أمن ٍ ) ،
ورحم الله من زار َ ثم خـَفــّف.. 
محمود يعقوب
الأخبار
 
 
 

Exit mobile version