” الاسرة ” ، كابوس رجوي

المقال التالي بعنوان " الاسرة ، كابوس رجوي" اعده قسم التقارير في مؤسسة اسرة سحر نضعه بين ايديكم راجين وكما عودتمونا سابقا ابداء وجهات نظركم حوله.
اخيرا وبعد قطع مسافة طريق طويل متعب وبعد اجتياز اخر سيطرة تفتيش عراقية وصلنا الى بوابة مدخل معسكر أشرف.
معسكر أشرف 100 كم شمال شرق بغداد وبمساحة 6 الى 8 كم بالقرب من مدينة الخالص في محافظة ديالى ، بعد مجيء مسعود رجوي زعيم منظمة خلق الايرانية الى العراق وضع المعسكر تحت تصرف المنظمة من قبل الدكتاتور البائد صدام حسين بعنوان مركز لتنفيذ العمليات العسكرية المشتركة ضد القوات الايرانية وفيما بعد اطلق عليه اسم أشرف ( اسم زوجة مسعود الاولى ).
عند وصولنا بوابة المعسكر شاهدنا تواجدا واسعا لعشرات العوائل وهي تحمل اللافتات والصور وتردد الشعارات؛ الملاقاة حضوريا حق مشروع ، امير انا اُمك ، هادي انا سعيد اخيك جئتك من طريق بعيد ، عبد الامير انا ابوك الحاج كاظم لي 80 سنة من العمر وانا مريض اريد رؤيتك ، علي انا اُمك ، راضية انا اختك و…الخ، انعكاس اصوات عشرات العوائل مزج مع صوت طبل وجهت بواسطة عشرات مكبرات الصوت نحو داخل المعسكر. كل يوم تتجمع العوائل منذ الصباح الباكر امام البوابة الرئيسية للمعسكر التي تقدمها تمثالين لاسدين ( الذي تعتبرهما العوائل رمزا لتحرير ابنائهم الاسرى ) التي تميزها عن سائر ابواب المعسكر، ثم تأخذ العوائل منادات ابنائها عبر مكبرات الصوت للقاء بهم. اصوات بقيت منذ اكثر من 10 اشهر ولحد الان دون اجابة من قبل مسؤولي منظمة خلق ولاتزال بوابة المعسكر الرئيسية مغلقة بوجه العوائل.
هنا يتبادر سؤال مهم وهو الى متى ستستمر هذه العوائل بتجمعها امام معسكر أشرف؟ والى متى يتمكن مسؤولوا المنظمة من منع العوائل عن اللقاء بابنائها؟ منذ ابتداء تجمع العوائل امام معسكر أشرف لم يتصور مسؤولي المنظمة ان هذا التجمع المعارض سيستمر كل هذا الوقت وكان تحليلهم هو نظرا لبعد المسافة وما اصابهم من تعب بسبب الطريق فان العوائل وبعد مراجعتها لعدة مرات وعدم اللقاء بابنائها سيصيبها اليأس ولم تعاود المراجعة الا ان مرور الايام وحضور العوائل المتزايد اثبت عكس تصورات قادة المنظمة.
لكن السؤال يبقى على قوته كما كان؛ رغم عدم موافقة قيادة المنظمة باجراء اي لقاء فالى متى سيستمر اصرار ومقاومة العوائل امام معسكر أشرف؟
سعيد علويان شقيق هادي علويان الذي لا يعلم شيئا عن اخيه منذ اكثر من 20 سنة يجيب على السؤال هكذا:" انا اود ان يصل صوتنا نحن العوائل لمسؤولي المنظمة باننا سنستمر باعتصامنا مالم نحرر ابنائنا واخواننا واخواتنا من هذا السجن ، نحن لم يصيبنا التعب والملل مسؤولي المنظمة على خطأ حيث يتصورون ان غلق الابواب بوجوهنا ومنع اللقاء مع ابنائنا سيصيبنا اليأس والملل ، نحن العوائل شكلنا جمعية وفاق من اجل تحرير ابنائنا تشترك فيها جميع العوائل ممن لديها ابناء في معسكر أشرف ، لقد تعاهدنا على الصمود والمقاومة حتى فتح باب معسكر أشرف وتحرير اسرانا ".
لسيدة خبازان شقيقة راضية خبازان التي قضت اكثر من 22 سنة في أشرف وجهت خطابا لمسؤولي المنظمة قائلة: "هل هذا معنى الحرية والديمقراطية التي تنادون بها؟ انتم تريدون تحرير الشعب الايراني؟ انتم الذين قد اسرتم اتباعكم ، انتم رغم ادعائكم الكاذب بالتحرر قد منعتم العوائل من اللقاء باحبتهم لقاء لايطول عدة ساعات بعد مرور سنوات طوال… " ،ثم خاطبت العوائل بصوت عال قائلة : " هؤلاء ( مسؤولي المنظمة ) قد كشفوا عن حقيقتهم لنا انهم يخافون لقاء الاعضاء بعوائلهم لان قادة المنظمة وشخص رجوي يعلمون ان لقاء الاعضاء بعوائلهم بعد مرور هذه السنوات سيوقظ المشاعر والاحاسيس لدى الافراد التي عمل رجوي على قتلها خلال سنوات وهو يخشى من عودة المحبة والمشاعر العائلية الى قلب وضمير الاعضاء مرة اخرى ، رجوي في حرب مع المشاعر والمحبة والحياة.

كاظم حزبه بور 80 سنة عربي من اهالي خوزستان ، رغم كهولته ومرضه قد تحمل صعوبات وقطع مئات الكيلومترات من الشريط الحدودي وجاء لمقابلة ولده عبد الامير حزبه بور وها هو يقف مع المعتصمين امام معسكر أشرف ودمعته في عينيه ويقول بلهجته العربية : " ان الله والاسلام والقران لايقبلون بهذا ، انا لا ادري كيف يفكر مسؤولوا المنظمة ، لقد جئت الى هنا بعد سنوات طوال من اجل اللقاء بولدي ، انا مريض واملي هو ان ارى ولدي ولو لمرة واحدة قبل وفاتي ، لقد تأسر ابني اثناء الحرب العراقية الايرانية ونظام صدام وخلافا لجميع القوانين قد باعه للمنظمة ، انه لم يكن يعرف شيئا عن المنظمة الا انه خدع من قبل قادة المنظمة ".

صوت الطبل وترديد العوائل للشعارات يتزايد لحظة بعد اخرى ، انهم ينادون ابنائهم باسمائهم ، فتحت باب المعسكر واذا بسيارة اسعاف تخرج ، سارعت العوائل نحوها تصورا منهم بانه قد يكون احد ابنائهم فيها الا ان السيارة خالية وعادت العوائل ادراجها الى مكان تجمعها وعشرات الجنود العراقيون المسلحون يحيطون بهم.
منذ خروج القوات الامريكية من أشرف وتسليم مسؤوليته للجيش العراقي اعتاد الجنود العراقيون الالتقاء بالعوائل ومؤازرتهم، العوائل كذلك وبمرور الايام اعتادت على تواجد الجنود العراقيون، بعد ساعة واذا بسيارة يونامي ( مكتب الامم المتحدة في العراق ) تقصد الخروج من باب المعسكر فتجمعت العوائل مباشرة عند الباب وطلبوا التحدث معهم وبعد اصرار العوائل اضطر افرادها النزول منها فراح افراد العوائل السؤال منهم سؤال تلو الاخر ، السيد علاف بور اخته في أشرف منذ سنوات وقد جاء الى أشرف عدة مرات لمقابلتها، وجه سؤاله لاعضاء يونامي بصوت عال قائلا: " الى متى تبقون على هذا السكوت؟ لماذا لاتستخدمون صلاحياتكم للضغط على مسؤولي المنظمة للقبول بالملاقاة؟ اليس هذا نقضا صارخا لحقوق الانسان؟ لماذا لا توصلون اصواتنا للمسؤولين في الامم المتحدة؟ انتم تلتقون السجانون بدلا عن الالتقاء بنا نحن الضحايا؟ اعضاء يونامي يواجهون اسئلة كثيرة فيسعون تهدئة العوائل واعطائهم الوعود للخروج من حلقة محاصرة العوائل، بعد دقائق يتمكنون الخروج من المحاصرة بمساعدة القوات العراقية ، لكن هل يتمكن مسؤولوا يونامي ومنظمات حقوق الانسان الاخرى السكوت دائما امام انتهاك ابسط حقوق الانسان الرئيسية كالملاقاة؟ الاستمرار بالسكوت والمماشات على حساب لائحة حقوق الانسان سيعرض مشروعيتهم ومدى حقيقة دورهم لتردد وشك في اذهان العامة؟
سيارات الايفا داخل المعسكر تبث الموسيقى للتشويش على اصوات العوائل الموجهة نحو الافراد المتواجدين داخل المعسكر، هذا الموضوع تسبب في اثارة العوائل وفي لحظة واحدة تجمعت جميع العوائل امام باب المعسكر وراحت تردد الهتافات؛ التشويس التشويش لم يعد مؤثرا ، رجوي ليس لك طريقا اخر غير الانتحار ، يجب الافراج عن السجناء ، رجوي رجوي سارق البشر.
عدد من المكلفين ببث التشويش يوجهون هتافات من داخل المعسكر ضد العوائل وينادونهم بالعملاء. من هم الافراد الذين جاءوا لاهانة وسب وشتم العوائل؟ كيف يتم اختيارهم؟ حجت رفيعي احد الذين جيء به ولمرتين من قبل مسؤولي المنظمة خلف الباب للقيام بهذا العمل ، بهذا الصدد يقول : " يصدر امر باختيار الافراد من المسؤول الاعلى الى المسؤول المباشر ويتم التأكيد على اختيار افراد لايتأثرون عاطفيا تحت اية ظروف عائلية كانت ولهم قدرة ثبات عالية لايتزلزلون في الموقف ، ثم يعقد القادة معهم اجتماعا لتوجيههم يطول عدة ساعات يتم التأكيد فيه على ان هذه العوائل قد ارسلت بالقوة من قبل وزارة المخابرات الايرانية وان ابداء اية مشاعر او احاسيس اتجاههم هو خط احمر وفي الحقيقة انتم قد دخلتم في ساحة حرب مع العدو "، ويضف حجت قائلا : " في المرة الاولى التي جئت للوقوف امام العوائل وكباقي الافراد وبسبب الصورة التي اوجدوها في ذهني رددت الهتافات ضد العوائل ، لكن شيئا اخذ يشغل فكري دائما وهو رؤية الاباء والامهات العجزة وكبار السن حيث وعند رجوعي ليلا الى المقر اخذت افكر انه وان كان هؤلاء قد ارسلوا عنوة من قبل المخابرات الا انهم وعلى اية حال هم عوائل ولا ذنب عليهم وينبغي علينا عدم سبهم وشتمهم. هذا التناقض ادى بي لعدم تمكني من سبهم وشتمهم عندما جئت في المرة الثانية ووقفت امامهم وفي داخلي شعرت ألما اتجاههم، لقد رأيت هذا الاحساس لدى الاخرين ، مسؤولنا انتبه لوضعنا واخذ يطالبنا بترديد الهتافات ويراقب الافراد بدقة من منهم لم يردد الهتافات ، ثم ولهذا السبب اي تأثري بوضع العوائل منعت من المجيء الى الوقوف امام العوائل ، علما ان المسؤولين اكدوا علينا انه وبعد العودة الى المقر يجب علينا عدم التحدث مع الاخرين عما شاهدناه او سمعناه ".
احد افراد العوائل يقف خلف المايكرفون ويصيح بصوت مرتفع : " هل ان طلب اللقاء باعزتنا هو عمالة؟ الى متى تطلى عليكم اكاذيب رجوي وترددون كلامه كالببغاء؟ نحن عوائل الاعضاء ، رجوي ومن اجل ان يخدعكم قد لصق هذه الماركة علينا ، هل هؤلاء الاباء والامهات العجزة هم عملاء؟ ألم يقولوا باننا عملاء فلماذا يعملوا هذا التشويش على اصواتنا؟ لماذا يخافون من وصول اصواتنا لمسامع المتواجدين داخل أشرف؟ لماذا لم يسمحوا لابنائنا بالمجيء الى بوابة المعسكر لعدة لحظات لمعرفة حقيقة الموضوع؟ انتم تعلمون جيدا من هم العملاء ".
ان التجمع اليومي للعوائل وعملهم الاعلامي ادى الى تأثيرات ووقوع بعض الاحداث داخل المعسكر ايضا وحسب ما ادلى به المسؤولين في الموقع ان العشرات من اعضاء المنظمة ولحد الان قد أثرت بهم نداءات العوائل وهربوا من المعسكر واودع السجن من القي القبض عليه اثناء الهروب هذا الموضوع ادى بمسؤولي المنظمة الانفعال واتخاذهم قرارات اكثر شدة وصرامة للسيطرة على قواتهم.
علي عينكيان 50 سنة من اهالي طهران قضى 25 سنة من افضل ايام حياته في معسكر أشرف وتمكن في الاونة الاخيرة الهروب من قوات امن المنظمة وبهذا الخصوص يقول : " شعرت بالتعب الشديد ، فكرت بالانتحار مرات عديدة ، خلال 25 سنة عدة مرات طلبت الانفصال عن المنظمة الا انه وفي كل مرة تعرضت للتهديد من قبل مسؤولي المنظمة بارسالي الى سجن ابوغريب لذا فضلت مضطرا البقاء في اسر أشرف ". لقد شرح كيفية تصرف مسؤولي المنظمة مع الاعضاء الساخطين واية آلية يتبعها معهم، انه يقول ان مسؤولي المنظمة يعرضون الاعضاء لغسل الدماغ وعقد الاجتماعات المخوفة التي يطلق عليها اسم " العمليات الجارية " حيث تمارس معهم اشد الضغوط المعنوية والنفسية وتسلب منهم ارادتهم. على عينكيان يقول عند العمل الاجباري في شارع 100 داخل المعسكر قد سمع صوت اعتراض العوائل المتجمعة امام بوابة المعسكر وقد ترك هذا الموضوع اثره عليه وفي النهاية وبعد مضي 25 سنة قرر الهروب من المعسكر والتسليم لقوات الجيش العراقي. وهو حاليا يقيم في الفندق منتظرا صدور الموافقة باستقباله وعودته الى ايران ، انه يصف لحظات انتظاره للعودة الى جنب عائلته في ايران بعد مرور 25 سنة هكذا : " اشتياقي لرؤية والدتي بعد فراق طويل قد اخذ كل وجودي ولم يدع لي لحظة هدوء ، يوم سماعي صوت والدتي عبر الهاتف ولاول مرة وانا في الفندق وبعد مضي ربع قرن شعرت اني ارى حلما ، اخذت بالبكاء ، والدي قد توفي خلال هذه السنوات وكان يأمل رؤيتي تأثرت كثيرا عند سماعي هذا الخبر وقد لعنت المسبب الرئيسي لهذا الفراق اي زعيم المنظمة ، اريد العودة الى ايران وابدأ حياة جديدة الى جنب والدتي واعيد بناء كل ما هدمه رجوي ، بناءا يضم المحبة والعاطفة ، لقد قررت ان اودع الماضي والفترة المظلمة التي كنت فيها في عالم النسيان والى الابد ".
حجت رفيعي عنصر اخر من اعضاء المنظمة الذي جازف بعبوره موانع المعسكر وتمكن من الهروب يقول:" منذ فترة وانا افكر بالهروب حيث تعبت من البقاء في المعسكر ، سماع كلام مكرر ، وعود كاذبة ، ضغوط معنوية ونفسية لا يمكن تحملها والاهم من كل ذلك عدم وجود اية رؤية للمستقبل لذا لم يكن لدينا الا هذا الانتخاب ، لقد قضيت 9 سنوات من افضل ايام حياتي في هذا المعسكر ، في الحقيقة هو سجن يختلف عن باقي السجون حيث ان جسم وروح وفكر الانسان في اسر ، سنوات طويلة لم يسمح لي بالتفكير ، هناك يجبر الانسان على سجن افكاره وتفكيره ، سجين يشعر احيانا بانه هو سجان نفسه ، في كثير من الاوقات وعند سماعنا بوفاة احد الاعضاء نقول يالسعادته لقد تخلص من هذا العذاب، بدخولي عالم الحرية وهروبي من جهنم أشرف اشعر باني قد ولدت من جديد.
مهرداد اميري عضو اخر من اعضاء المنظمة حالفه الحظ وتمكن الهروب من جهنم أشرف ، مهرداد من اهالي مدينة كرمانشاه سافر برفقة شقيقته الى تركية ثم نقلته المنظمة بحرا من دبي الى العراق ، مهرداد يقول:" لم يكن لديّ هكذا تصور عن الحياة في معسكر أشرف ولم اعلم بقطع اتصال الافراد مع العالم خارج المعسكر ، لقد رأيت الموت التدريجي في المعسكر ان ما يحطم الانسان باستثناء صعوبة الحياة اليومية هو الكذب والوعود الخالية لمسؤولي المنظمة وزعيمها مسعود رجوي ، منذ الدخول في تشكيلات المنظمة يبدأ العمل على الانسان نفسيا بحيث لم يعد يرى الحقائق بصورتها الواقعية، هذا فن مسعود رجوي حيث تمكن من اشغال الاف الافراد خلال سنوات في معسكر أشرف ويخدعهم بسراب سقوط النظام وانتصارهم والذهاب الى ايران ، يجبر الافراد بتقديم تقرير يومي للمسؤولين عن جميع تصوراتهم بما يتعلق بعواطفهم اتجاه الاسرة والمحبة والامل وهذا ما يطلق عليه في معسكر أشرف بثورة مريم ، في الحقيقة ان ثورة مريم هي وعاء ووسيلة يستخدمها مسؤولي المنظمة من خلال العمليات الجارية للكشف عما يدور في ذهن الفرد خلال اليوم.
اخضاع الفرد لهذا الوعاء ( العمليات الجارية ) هو اشد عذابا بمئات المرات من التعذيب الجسدي وما يسببه من جروح واضرار في نفس وضمير الانسان تبقى اثاره لسنوات طويلة ، عدم المشاركة في العمليات الجارية يعد خط احمر من قبل مسعود رجوي يجب المشاركة فيها مهما كانت الظروف وان كان الشخص مريضا ، في هذه الاجتماعات لا يسمح للشخص بالدفاع عن نفسه مطلقا ، لقد اصبحنا من المتخلفين بسبب هذه الانظمة ، قد يضحككم عندما تسمعون باني والاخرين من الاعضاء في هذا المعسكر لا يمكننا استخدام كنترول التلفزيون واني قد رأيت الموبايل لاول مرة في الفندق بعد خروجي من المنظمة ، نحن بالضبط نُديم تاريخ اصحاب الكهف بفارق انهم كانوا في الكهف ونحن في معسكر أشرف. انا الان في سعادة لتخلصي من جهنم أشرف رغم ان كابوسه لايفارقني ، الدخول في عالم الحرية كان لي بمثابة املا وحلما لايمكن تحققهما والان اشكر الله بتحقق هذا الامل والحلم ورؤيتي جمال عالم الحرية والاستلذاذ به.
هنا وللمرة الاولى تمكنت من التفكير بما احب واعمل وفقا لرغباتي واقرر مصيري دون تلقينات تملى عليّ بالنسبة لي فان استيقاظ عواطفي اتجاه الاسرة وحبها تعد اغلى ثروة حصلت عليها وانا سعيد جدا بفضل الله ان يكون مصيري هكذا وان اترك معسكر أشرف والعالم الضيق وظلمة تصورات رجوي الباطلة خلف ظهري والى الابد ".
الساعة العاشرة مساءا العوائل تذهب الى مكان الاستراحة الذي اعدته الحكومة العراقية لهم ، مكان صغير يفتقد ابسط الامكانات ، على اية حال انهم يتحملون جميع المشاكل من اجل تحرير ابنائهم ولو كلفهم حياتهم ، عشاء بسيط ثم راحوا يشاهدون برامج محطة تلفزيون المنظمة من اجل معرفة مواقف المنظمة اتجاههم ، وفي لحظة ظهر عدد من افراد المنظمة على شاشة التلفزيون ، مقدم البرنامج يبذل قصارى جهده للضغط عليهم باهانة وشتم عوائلهم ، الاضطراب والارتباك يظهر بشكل واضح على وجوههم وحديث كل منهم وفق سيناريو معد مسبقا وهو يشابه الاخر ومكرر ثم يصرخ احدهم؛ هؤلاء ليسوا بعوائلنا ليسوا بابائنا وامهاتنا ويسكت ويأخذ مقدم البرنامج بالتلويح له عبر تحريك رأسه وحاجبيه للاستمرار بالحديث ، لكن كيف تعد هذه العروض التلفزيونية واين ومن قبل مَنْ؟ وما هدف هذا العمل؟
مرتضى مرزدشتي احد الذين تمكنوا الهروب من المنظمة مؤخرا ، بهذا الخصوص يقول : " يصدر امرا من المسؤول للافراد الذين جاءت عوائلهم الى باب المعسكر بالحضور لتوجيههم في المقر 49 الكائن في فلكة كلها ( الورود ) بمسؤولية فرشته يكانة ، يأتي هؤلاء الافراد تحت رقابة مسؤولهم الى مكتب فرشته يكانه في المقر 49 حيث تواجد ضباط الامن وقدامى المسؤولين من الرجال في المنظمة ، هناك يبلغ الافراد بان ذويهم قد جاءوا لمقابلتهم ، مسؤولي المنظمة قد تعرفوا على العوائل بواسطة العسكريين العراقيين او عبر مكبرات الصوت التي تستخدمها العوائل او عن طريق الصور التي علقت على باب المعسكر وهنا تطلب فرشته يكانه من جميع الافراد المشاركة في مقابلة تلفزيونية يعلنون فيها موقفهم المعادي للعوائل ، من هذه النقطة يبدأ غسل ادمغة الافراد الذين جاءت عوائلهم للملاقاة ، ثم تقول لهم:" لقد حالفكم الحظ لتدخلوا في ساحة الحرب مع النظام ووزارة مخابراته وهذه الفرصة لاتتاح للجميع هؤلاء الافراد هم على الظاهر عوائلكم الا انهم في الحقيقة عملاء وزارة المخابرات ، انهم جاءوا الى هنا قسرا بعد خداعهم ودفع الاموال لهم ، يجب عليكم العمل بكل ما بوسعكم من اجل فضحهم " ، هنا بعض الافراد يرفض اجراء المقابلة ويرسل من يوافق على اجراء المقابلة الى صالات الاجتماعات او صالات الطعام وتجرى معهم المقابلة ، احيانا قد يعاد تسجيل المقابلة عدة مرات وتطول لعدة ساعات او قد يقطع التسجيل لتذكير الافراد بعبارات قد نسوا ذكرها بسبب عدم رغبتهم الصادقة باجراء المقابلة، اسئلة المقابلة واجوبتها تكتب من قبل احد المسؤولين وتعطى لمقدم المقابلة وللافراد ".
واذا باصوات العوائل التي تشاهد البرنامج تتعالى امتعاضا ، اب يصرخ بصوت عال:" لعنة الله على مسؤولي المنظمة الذين فرضوا على ابنائنا ان يقفوا بوجهنا هكذا " ، اُم تقول : " ألم يقولوا بان ابنائنا لا يريدون اللقاء بنا ونحن لسنا بامهاتهم وابائهم؟ ان كان هذا صحيحا فليدعوهم يقولون هذا في لقاء امامنا وجها لوجه ، لماذا يفرضون عليهم شتمنا في برنامج تلفزيوني مسجل؟ العوائل متأكدة بان ابنائهم قد اجبروا على هذه المقابلة التلفزيونية.
تدخل السيدة ثريا عبد اللهي ، والدة امير اصلان حسن زادة الذي قضى اكثر من عشر سنوات في اسر مسعود رجوي ، وهي تشترك في الاعتصام امام معسكر أشرف منذ اكثر من 10اشهر من اجل تحرير ابنها ولهذا تعتبرها العوائل نموذجا للمقاومة ، رجوي يكن لها حقدا في قلبه وقد ذكرها في اجتماعات متعددة ووجه لها اسوأ الاهانة ، ان مرور الوقت والاوضاع الجوية غير الملائمة والامكانيات المحدودة وحتى المرض لم تتمكن من ايجاد اية زعزعة في عزمها وارادتها الحديدية في سعيها لتحرير الاسرى في معسكر أشرف ، لم يعد تحرير ابنها مهما لها بل هي تعتبر جميع الاسرى هم ابنائها ، ولثباتها ومقاومتها البطلة قد تحولت الى شخصية عالمية ونالت تقدير واحترام المسؤولين المحليين والعسكريين العراقيين ، السيدة ثريا تؤكد بانها لن تعود الى بيتها وحياتها في ايران مادام هناك عضوا واحدا في اسر المنظمة:" لقد ارتبط مصيري وحياتي بهؤلاء وسابقى هنا حتى ان تفتح باب معسكر أشرف ويخرج الاسرى من مخالب رجوي ، لن تنفع مساعي رجوي بقتل عواطف ومحبة الاعضاء اتجاه عوائلهم ، نحن بمقاومتنا وصمودنا سنزرع بذور المحبة في قلوبهم من جديد، سينقضي شتاء رجوي المظلم القارس وسيبتسم ربيع الحرية مرة اخرى بوجوههم " ، دمعة الفرح تدور في عينيها وهي تقول:" قطعت عهدا على نفسي الا ان البس كلا منهم رجالا ونساءا بدلة العرس"، انها قليلا ما تفكر بولدها حيث تحملها مسؤولية ضيافة العوائل في المقر وتسعى ليلا ونهارا لتوفير وسائل الراحة لهم ، انها تعمل بكل وجودها كالشمعة تحترق لتضيء طريق العوائل.
بدأت اهيئ نفسي للرحيل في وقت بدأت اشعر باُنس معهم ، السيدة كردمير والسيدة ميرزائي كانتا الى جانب السيدة عبد اللهي بصورة دائمة وبرفقتها في مسيرتها هذه، في طريقي نحو السيارة شاهدت السيد احمد هاجري وهو مشغولا في لحيم برج ، لقد التحق بالعوائل امام معسكر أشرف منذ اكثر من ستة اشهر وهو يعمل بكل اخلاص من اجل رفاهية العوائل ، اخيه علي هاجري اسير في أشرف منذ اكثر من 20سنة ، احمد هاجري جاء الى أشرف لمقابلة اخيه الا انه وبعد ان رأى وضع العوائل قرر البقاء هناك لمساعدة العوائل في طريق تحرير ابنائها.
بهدوء اخذت سيارتنا الابتعاد عن المكان واخر نظرة لي باتجاه بوابة المعسكر حيث الكثير من العوائل تجمعت وهي تردد الهتافات ،" الملاقاة حقنا المشروع "، وصوت السيدة ثريا عبد اللهي يرن في اذني: " لقد قطعت عهدا على نفسي الا ان البس كلا منهم رجالا ونساءا بدلة العرس".
دخلت الشارع الرئيسي امتلكني حس يقول لي ان تحقيق مثل هذا اليوم ليس ببعيد.

 

Exit mobile version