مجاهدو خلق.. الخروج الآمن

تتزايد الضغوط على منظمة مجاهدي خلق المعارضة لحكومة الجمهورية الإسلامية في إيران. وتبدي طهران قلقاً من برود الحكومة العراقية وعدم إتخاذها إجراءات حازمة إلى الآن لإنهاء وجود المنظمة في العراق والذي آمتد لسنوات طويلة.
كانت شروط حضور المنظمة في هذا البلد إبان حكم صدام حسين متوفرة بشكل كبير خاصة وإن الصراع السياسي والعسكري بين بغداد وطهران لم يتوقف حتى العام 2003 ، ومنذ صعود صدام الى السلطة في العراق وصعود الإسلاميين في إيران فهم وجود المنظمة هنا على أنه يمثل استخداماً من قبل النظام العراقي كأداة ضغط على الإيرانيين في حال النزاع والحرب طيلة الثمانينيات ، ثم اتهمت المنظمة من قبل معارضي صدام بأنها قمعت الشعب العراقي وحصلت على إمتيازات لم يحصل عليها المواطنون العاديون الذين كان عليهم أن يستجيبوا لسلطة عناصر المنظمة حين ينتقلون في المدن العراقية ، وكانت سلطة خلق من سلطة النظام الحاكم.
وحالما دخلت القوات الأمريكية بغداد عام 2003 وتم تغيير النظام بكامله ,لم تعد شروط الوجود الآمن لعناصر المنظمة متوفرة كالسابق ، وبدا واضحاً إن على قيادة المنظمة إتخاذ قرار حكيم لحماية الموجودين في معسكر أشرف وإخراجهم بسرعة من العراق ، لأسباب أساسية أهمها :
1- الضغط الذي تمارسه الحكومة الإيرانية في هذا الإتجاه ومطالباتها الحثيثة للحكومة العراقية بطرد كافة الموجودين في المعسكر ,وربما تسليمهم الى سلطات بلادهم وهو أمر في غاية الخطورة ,ولا تستطيع الحكومة العراقية المضي فيه لوجود ضغوط دولية هائلة ,ورقابة شاملة من قبل الأمم المتحدة والدول الغربية.
2- وجود إيمان لدى السلطات العراقية الحاكمة والتي كان أعضاؤها معارضين لصدام حسين بأن عناصر مجاهدي خلق كانوا يمارسون أساليب قمع منظمة لدعم حكم صدام ضد معارضيه ,وهم بذلك غير مستعدين للتعامل باي شكل من الأشكال مع المنظمة التي وقفت بالضد منهم طوال فترة حكم النظام السابق للعراق.
3- سيادة ثقافة الإعتقاد لدى فئات إجتماعية عراقية بأن مجاهدي خلق كانوا يشاركون قوات صدام حسين في ضرب بعض المدن والقرى الشيعية أثناء الإنتفاضة الشعبية عام 1991 ,وبعد الإنسحاب من الكويت.
4- والأهم من ذلك كله أن جميع الأسباب الموضوعية لم تعد متوفرة في بيئة رافضة لتدعم بقاء المنظمة في العراق. ومن خلال ما يتيحه العمل الصحفي من تواصل فإن الضغط الإعلامي الذي تمارسه المنظمة للحصول على دعم سياسيين ومثقفين عراقيين ما زال متواصلاً لكنه في الحقيقة غير مجد لأسباب من أهمها إن الجهات السياسية التي إستجابت لهذه الضغوط لا تملك سلطة القرار ,وآكتفت بحضور مؤتمرات وتجمعات أقامتها المنظمة, أو بإطلاق تصريحات إعلامية باهتة. أما وسائل الإعلام العراقية والكتاب والصحفيون فقد إنسحب عليهم ما ترتب على القوى السياسية التي إنقسمت بين مؤيد ورافض لبقاء المنظمة على الأراضي العراقية.
وكلما تقدم الوقت صار من الضروري على قيادة المنظمة حسم أمرها, خاصة مع إنسحاب القوات الأمريكية وسيطرة الحكومة العراقية على كافة الملفات التي كانت بعهدة تلك القوات ومن بينها ضمان عدم المساس الكلي بمنظمة مجاهدي خلق,فإن الأمور باتت أكثر إلحاحا لجهة التعاطي الحكيم مع وجود غير واقعي في بيئة رافضة تماما وغير مستعدة للتكيف مع هذا الوجود,والقرار الذي إتخذته الحكومة العراقية ولن تتراجع عنه هو الإبعاد الكامل لمجاهدي خلق,بينما القرار المنتظر من المنظمة هو الرحيل قبل فوات الأوان..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى