انتحاريات مجاهدي خلق و انتحاريات القاعدة

منظمة " مجاهدي خلق " أي مجاهدي الشعب تأسست عام 1965 و كانت أصولها الفكرية و النظرية ماركسية تماما و إن حاول منظروها الأوائل إضفاء شيء من الإسلامية عليها عن طريق إعادة صياغة المفاهيم بطريقة مختلفة لا تتعارض مع الفلسفة الماركسية و المستقر لدى أتباع المنظمة هو عداؤهم للدين و كانوا يرفعون و يرددون شعارات لينين المعادية لكل الأديان. و لم يبدأ عمل المنظمة السياسي إلا في بداية السبعينات و ظهرت ثمة انشقاقات واسعة بين أعضائها فنشب صراع بين من أراد أن تعلن هذه المنظمة بشكل واضح عن ماركسيتها و بين من أصر على إبقاء الصبغة الظاهرية على قبول الإسلام في الشعارات و الخطاب العام للمنظمة ، و انتهى الصراع بانتصار الفريق الثاني الذي كان من ابرز قادته مسعود رجوي و الذي قام في بداية عام 1978 أي قبل انتصار ثورة الإمام الخميني بإصدار بيان تضمن الرؤية الجديدة و الموقف الذي تتبناه المنظمة من قضية التغيير الإيديولوجي الذي كان قد اتخذه الجناح الآخر عام 1974. بعد الثورة الإسلامية كانت مواقف رجوي و منظمته متأرجحة سرعان ما حسمت بإشهار العداء المطلق للثورة و حاول رجوي التقرب من أبي الحسن بني صدر رئيس إيران آنذاك و بعد سحب الثقة من هذا الأخير هرب الاثنان في طائرة واحدة إلى فرنسا. إلا أنه و نتيجة للأعمال الوحشية الإرهابية القذرة التي قامت بها هذه المنظمة اضطرت الحكومة الفرنسية عام 1986 إلى طرد مسعود رجوي خارج أراضيها فتلقفه صدام حسين و وفر له كل ما يحلم به هو و جماعته فأنشأ لهم معسكرات مجهزة بكل شيء و قام بتسليحهم بشتى الأسلحة الثقيلة و كانت نفقات المنظمة تصرف من التخصيصات المقرة لجهاز المخابرات العراقي و ساهم أفراد خلق في الحرب إلى جانب الحرس الجمهوري الصدامي و كان عدد أعضائها حينذاك أكثر من عشرين ألفا ، و بعد حرب الكويت جرى توجيههم إلى بعض المحافظات العراقية لقمع الانتفاضة التي حدثت عقب غزو النظام المقبور لدولة الكويت لا سيما في مدينة كربلاء التي يعرف أهلها و لن ينسوا مجازر هذه العصابات الإرهابية و كذلك تم توجيه أعداد محدودة منهم إلى بعض مناطق محافظة الأنبار خشية حدوث أية عمليات مسلحة ضد النظام البائد على غرار ما حصل في الوسط و الجنوب إلا أن هذا الأمر لم يحصل كما هو معروف.

لقد اقترفت هذه المنظمة الإرهابية أعمالا فظيعة بحق الشعب العراقي و هي امتداد لما تعودت عليه من عمليات قذرة عانى منها الشعب الإيراني خلال الثمانيات و التي كانت كافية لتقنع الكثير من الدول في العالم بحقيقتها الإجرامية و طابعها الإرهابي فقد تم اعتبارها منظمة إرهابية من قبل الاتحاد الأوربي عام 2000 و كانت الحكومة الأمريكية قد أدرجتها قبل ذلك ضمن لائحة المنظمات الإرهابية في العالم في عام 1997..

بعد سقوط صدام اتخذ مجلس الحكم قرارا بطرد المنظمة في جلسته بتاريخ 9122003 و لكن لم يتم تنفيذ هذا القرار لرفض الجانب الأمريكي ذلك. حيث أن الأمريكان و بعد أن كانوا قد أعلنوا أثناء حرب إسقاط الطاغية أن معسكرات منظمة مجاهدي خلق هي جزء من قوات صدام و لهذا تم ضربها إلا أنهم عادوا و جمعوا شراذمها الذين يناهزون الأربعة آلاف في معسكر واحد في محافظة ديالى بعد تجريدهم من الأسلحة الثقيلة و تريد الولايات المتحدة الاحتفاظ بورقة هذه المنظمة للضغط على إيران و إمكانية تسخيرها لإقلاق أمنها و الاستفادة من خبرات عناصرها في التخريب و تعكير الأمن الداخلي. فمن المعلوم وهو أمر جدير بالتركيز أن منظمة مجاهدي خلق هي اسبق المنظمات الإرهابية قاطبة في المنطقة التي استعملت أساليب وحشية تمثلت بالسيارات المفخخة و العبوات الشديدة الانفجار في عملياتها لاغتيال الشخصيات في داخل إيران و كذلك كانت تعتمد على الانتحاريين و الانتحاريات و هذه الأخيرة كانت مما تتميز بها منظمة خلق و هو أمر يثير عدة تساؤلات على خلفية ميل القاعدة لتجنيد الانتحاريات التي بدأت أصلا من محافظة ديالى و أصبحت ظاهرة الانتحاريات مما تتميز بها هذه المحافظة دون غيرها وهو ما يشير بوضوح إلى مقدرا التأثر و التأثير بين هذه المنظمة و الإرهابيين من القاعدة و باقي التنظيمات السلفية الجهادية. و على أية حال فبعد سقوط صدام المقبور قامت هذه المنظمة الإرهابية بالكثير من الأفعال الحقيرة و الدنيئة ضد المواطنين الأبرياء لا سيما في محافظة ديالى و أقضيتها المختلفة و شجعت على أعمال القتل البربرية ضد الطائفة الشيعية هناك و وقفت جنبا إلى جنب مع بقايا العبثيين و القاعدة و باقي المرتزقة لأجل هدر كرامة الشعب العراقي و إشاعة روح العداء بين مكوناته.١٧/٠٧/٢٠٠٨هابيلييان

 الدكتورة سناء الحربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى