“مجاهدين خلق” من عهد الجهاد إلى عهد “النفاق”(3)التحول العقائدي

و من بين تلك البرامج هو وقف التعليم الديني و الأبحاث الاسلامية، و إستبدالها بالتعاليم الماركسية، و طرح الشبهات حول الاسلام في المنشورات الداخلية للتنظيم، و مع أخذ النظر بالمنهج التنظيمي الذي تتبعه المنظمة و هو الذي يتمثل بالطاعة العمياء من قبل الأفراد "المركزية الديمقراطية"، لقيادة التنظيم، فإنه لم يكن عسيراً على تقي شهرام أن يحّول التنظيم كله إلى الماركسية. 

 في الساعة الحادية و النصف من يوم 15 أبريل 1972 وقعت حادثة كانت مصيرية بالنسبة إلى منظمة مجاهدي خلق، فقد تمكن تقي شهرام و هو أحد أعضاء المنظمة المعتقلين بالاضافة إلى حسين عزتي كمرئي و هو أحد أعضاء المجموعة الماركسية "النجمة الحمراء" تمكنا و بمساعدة أحد ضباط الدرك و هو أمير حسين أحمديان جاشمي أن يفروا من سجن ساري المحصن، و كان تقي شهرام قد اعتقل في عام 1971 في الضربة التي تلقتها المنظمة من جانب السلطات، و قد تمكن شهرام من كسب ود الملازم أول أمير حسين أحمديان و سحبه إلى التنظيم.

إنحدر شهرام من أسرة ثرية و غير عقائدية، لكنه تعرف في الجامعة على على رضا زمرديان و محمد حياتي، وتأثر بالدين و مبادئ النضال على أيديهما، و قبل أن ينضم إلى المنظمة كانت له علاقة و طيدة بأحد أعضاء مليشيا "فدائي خلق ".

شهرام التقى في سجن "القصر" الشهير بعدد من أعضاء فدائي خلق من بينهم أفشاني، على رضا شكوهي، و هو قائد مجموعة النجمة الحمراء بالاضافة إلى حسين عزتي و هناك إستكمل معارفه بالماركسية، و قد زعم بعض الأعضاء القدماء في المنظمة أن السافاك تعمد في الجمع بين عزتي و شهرام في زنزانة واحدة، فشهرام كان رجلاً ذكياً و فطناً، و كان يراقب بدقة كل التحركات التي تحدث في المعتقل، و تمكن من جذب عدد لابأس به من الأفراد إلى التنظيم و بهذا الشكل إرتقى إلى أعلى الدرجات الحزبية، و في الفترة التي فرَّ فيها تقي شهرام من السجن كانت قيادة المنظمة بعهدة رضا رضائي حيث تعرضت المنظمة إلى أقسى الضربات على يد السافاك.

بعد مضيفترة على هذه القضية، و في مساء الخامس و العشرين من شهر مايو من عام 1972، كان رضا رضائي يتناول العشاء في منزل أحد أنصار التنظيم بإسم مهدي تقوائي، عندما طرق السافاك الباب، و كانوا قد قدموا من أجل القبض على تقوائي، و ما كانوا يعرفون بحقيقة وجود رضا في ذلك المنزل،لكن رضا رضائي تمكن أن يوصل نفسه بأسرع مايكون إلى سطح المنزل و من هناك قذف بنفسه إلى الزقاق و اختفى عن أعين السافاك تحت إحدى السيارات، وظناً منه بأن السافاك قبض عليه حمل المسدس و وجههُ إلى رأسه و ضغط بالزناد ليلقى حتفه في تلك الساعة.

و بعد رضا رضائي كانت لدى المنظمة ثلاثة فروع رئيسية: السياسية، و العسكرية، و العمالية و هي بالترتيب بقيادة هؤلاء الثلاثة: تقي شهرام، بهرام آرام و مجيد شريف واقفي و صمدية لباف، مضت المنظمة في طريق التحول الكامل و بشكل رسمي نحو الماركسية و العمل من بعد ذلك لتغيير عقائد أفراد التنظيم، و الآن أصبحت المنظمة تحت قيادة شخص واحد هو تقي شهرام، و أما بقية الكادرات الحزبية و سائر الأعضاء فقد كانوا مجرد أدوات بيد تقي شهرام.

و كان شهرام يعتبر مهمته الأولى في التنظيم هي إشاعة الفكر الماركسي بين أفراد التنظيم، و هو في المرحلة الأولى تمكن من إقناع أحد كوادر المنظمة بإسم "ناصر جوهري" بفكره و قام بعد ذلك و بمساعدته بإزاحة العقيدة الإلتقاطية و التقدم خطوة تحو تأصيل الماركسيية، و كان ذلك العمل يتطلب تمهيدات نفسيه من أجل تهيئة الأفراد للقبول بالماركسية و إسقاط الدين من عقيدتهم.

و من بين تلك البرامج هو وقف التعليم الديني و الأبحاث الاسلامية، و إستبدالها بالتعاليم الماركسية، و طرح الشبهات حول الاسلام في المنشورات الداخلية للتنظيم، و مع أخذ النظر بالمنهج التنظيمي الذي تتبعه المنظمة و هو الذي يتمثل بالطاعة العمياء من قبل الأفراد "المركزية الديمقراطية"، لقيادة التنظيم، فإنه لم يكن عسيراً على تقي شهرام أن يحّول التنظيم كله إلى الماركسية.

خليل دزفولي و هو أحد أعضاء المنظمة الذي كان يعمل تحت إمرة "ناصر جوهري" بشأن هذا الموضوع يقول: "كنت أوافق على كل ما تقوله القيادة، و كنت أعدهم أفراداً مقدسين و منزهين و أطيع أوامرهم حرفياً، و كنت أناقش موضوع ايديولوجيا المنظمة مع زملائي، و كانوا يقولون لي أنهم قبلوا بالماركسية و في نهاية الأمر أصبحنا ماركسيين."

" علي خدائي صفت"، هو عضو آخر من أعضاء المنظمة ينقل عن بهرام آرام قوله: "إيديولوجية "المنظمة" كانت إلتقاطية و كانت قاعدتها "المادية" و بنائها الذي ألصق بها "الدين" الشيء الذي لايمكن لصقه حتى مع إستخدام الكثير من المواد اللاصقة و كانت الديالكتيك هي القاعدة للمادية."

و في إطار تحول أعضاء المنظمة إلى الماركسية فإن أكثر من 90 من الكوادر العليا و القادة المسؤولين في المنظمة في داخل و خارج إيران تحولوا بشكل رسمي إلى العقيدة الماركسية في خريف عام 1973.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى