تقرير من علي رضواني: التعذيب في سجون رجوي

 تقرير من: علي رضواني العضو السابق في منظّمة مجاهدي خلق إلي الصليب الأحمر العالمي والمنظّمات المدافعة عن حقوق الإنسان
إن من واجبي أن أتقدم بالشكر الجزيل إلي جميع المواطنين الأعزاء الذين ساهموا في إرسال المساعدات المالية والتوجيهات التي أدخلت الدفء في قلبي فاستطعت إعادة طباعة كتاب «التعذيب».إنني يا سيدي قادم من أرض الحيوانات الوحشية وأنا أكتب إليك من ذلك الظلال الدامس عسي أن تجلسوا في النور للقضاء. لقد انقضي اليوم ولا تعلم ما يشهده يوم غد من الممارسات الدموية في مراكز التعذيب في المجلس الوطني للمقاومة للسيد مسعود رجوي في العراق؟
ولا شك بأن دعم المواطنين الأعزاء يجعلني أكثر شوقا في المستقبل لكي أبذل جهوداً أكثر من أجل فضح ممارسات الفرقة الرجوية.
علي أمل أن أكون قد قدمت خدمة للشعب في قيامي بفضح الوجه الحقيقي لمنظّمة تعمل ضد الشعب.
علي رضواني ــ ألمانيا
باسم السلام والديمقراطية والحرية
تقرير إلي رئاسة منظّمة الصليب الأحمر العالمية وجميع المنظّمات المدافعة عن حقوق الإنسان حول الوضع الداخلي وسجون منظّمة مجاهدي خلق الإيرانية
إني نوروز علي رضواني بن حيدر علي المولود في عام 1956 بمدينة دره كز بمحافظة خراسان في إيران أعيش حاليا في ألمانيا باعتباري طالب لجوء.
السيد الرئيس :
لقد انسحب مصيري بدون رغبتي من تلك المنطقة من العالم ــ من قلب الشرق الأوسط ــ إلي هذا المكان من العالم ــ إلي قارة أوروبا ، تماما كورقة طافية فوق سطح مجري للماء حيث تدني التيار من تلك المنطقة من العالم إلي هذه المنطقة بدون أن أعرف السبب وما هو الذنب الذي اقترفته ليكون مصيري هكذا؟ لكي أري ــ في عمري القصير ــ كل هذه المصائب والتشرد؟ وحاليا أقيم في غرفة صغيرة جدا هاربا من المصائب ولم يبق من جسدي سوي العظم والجلد نتيجة التعذيب الجسدي والنفسي الذي عانيت منه في منظّمة السيد مسعود رجوي المستبدة المتواجدة في الأراضي العراقية. وإني آمل أن أعيد تجربة الحياة والظاهر أنني لا أستطيع ذلك فإلي أي مكان يجب أن أذهب وإلي أي شخص أذهب؟ فهل يوجد من يغدق علي اللجوء؟
السيد الرئيس :
إنني يا سيدي قادم من أرض الحيوانات الوحشية وأنا أكتب إليك من ذلك الظلال الدامس عسي أن تجلسوا في النور للقضاء. لقد انقضي اليوم ولا تعلم ما يشهده يوم غد من الممارسات الدموية في مراكز التعذيب في المجلس الوطني للمقاومة للسيد مسعود رجوي في العراق؟
السيد الرئيس :
إننا نعتقد بشر وأن الرحية حق طبيعي للإنسان ولا يحق لأي شخص وبأي صفة كان وحتي باسم الحرية ، أن يسلب الحرية منا وأننا لم نتقاعس حتي هذه اللحظة عن التضحية بحياتنا التي هي أغلي شيء لدي الإنسان.
ولكن مع الأسف وألف أسف وبعد 16 عاماً من بذل الجهود ليلاً ونهاراً في منظّمة مجاهدي خلق الإيرانية وصلنا إلي هذه النتيجة وهي الحكم علينا بالإعدام علي يد ما يسمي بمحاكم تلك المنظّمة الموجودة في الأراضي العراقية حيث نقلونا من هذا السجن إلي ذلك السجن.
السيد الرئيس :
إنني نوروز علي رضواني الذي أتحدث إليكم ، أصرخ بأعلي صوتي لإسماع جميع الأحرار في العالم وأعلن بأنني قضيت أمرّ أيام حياتي في مراكز تعذيب وسجون منظّمة مجاهدي خلق الموجودة في العراق وقد حكم علي بالإعدام في محاكم تلك المنظّمة وقاسيت أقسي أنواع الآلام والمحن التي قد لا يكون لها مثيل حتي في الأنظمة الإستبدادية الإستالينية والهتلرية والآن لم يبق مني سوي مخلوق محطم بمعنويات متعبة وجسم مريض حيث ما زالت تؤرقُه وتؤلمه ذكريات تلك الأيام المشؤومة. لقد عشت كوابيس لا يمكن تصورها وتعجز عن تصويرها أبرع الأقلام. ذلك الكابوس الذي ما زال مسيطرا علي نفسي وروحي ووجودي وذكري فصوله ما زالت تُثير في نفسي وجسمي الرعشة والرعب.
السيد الرئيس :
اسمح لي أن أكتب لسيادتكم أحداث تلك المرحلة التي عشت فيها أقاسي آلاما هائلة ومصائب جمة لا يمكن حصرها ليتم تسجيلها في كتاب التاريخ كورقة من تاريخ ضحاياً الإنسانية الحرة والمعذبة في مسلخ جنون الإستبداد والديكتاتورية الأيديولوجية وفصلا من فصول تاريخ القمع والوحشية في القرون الوسطي التي مازالت قائمة في نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين.
وإنني ومن أجل الإنسانية ، أضع يدي ورجلي وجسمي المُدمّي وقلبي المحطم المتألم ، شواهد علي ما رأيت وعشت بدون أدني زيادة أو نقصان.
السيد الرئيس :
إنني نوروز علي رضواني كنت عضواً في المجلس المركزي لمنظّمة مجاهدي خلق الإيرانية وكانت آخر مسؤولية أنيطت بي هي قيادة إحدي الوحدات العسكرية لجيش التحرير التابع لهذه المنظّمة والمتواجد في الأراضي العراقية. وكان تحت إمرتي (53) عنصراً عسكرياً إضافة إلي أنني كنت قبل ذلك معاونا للواء ميكانيكي مدرع وكان آمر اللواء السيدة مرضية من أهالي إصفهان وكانت قبلها السيدة تهمينة رحيمي من أهالي مدينة قوجان آمرة اللواء المذكور. وكنت قد تعرفت بمنظّمة مجاهدي خلق منذ عام 1356 (1978) وبدأت نشاطاتي الفعلية بشكل دوام كامل عند تشكيل جمعيات الشباب والطلاب في مدن إيران ومنها مدينتي (دره كز) وذلك بعد ثورة عام 1979 وحصلت علي عضوية المنظّمة في عام 1981 وذلك بترشيحي من قبل السيد محمود غلاميان من أهالي تايباد بمحافظة مشهد و كان غلاميان مرشحا في مدينة دره كز لمنظّمة مجاهدي خلق في انتخابات المجلس النيابي الإيراني إضافة إلي كونه مسؤولا عن جمعيتهم تابعين لمنظّمة مجاهدي خلق وهما جمعية «المحبة الموحدة» وجمعية «مكتبة محمد حنيف نجاد».
السيد الرئيس :
لقد كانت أول جلسة لمحاكمتي في محكمة مجاهدي خلق الإيرانية في مقر أشرف في الخالص بالعراق بحضور أكثر من (70) عضواً في المنظّمة وكانت ما يسمي برئاسة المحكمة بيد السيدة فرشته يكانه ونائبة الرئيس هي السيدة سهيلا صادق وقد اُعلنت وحددت جرائمي بالنقاط التالية :
1 ــ «العميل» (أعطيت هذه الصفة لي) علي رضواني وبسبب عدم قبوله ثورة السيدة مريم رجوي الأيديولوجية فقد خرج من الناحية العملية من الحزب وصفوف الثورة والتحقق بصفوف الخميني.
2 ــ العميل علي رضواني ترك الساحة الثورية وقد خان الثورة. إن جزاء وعقاب مثل هذه الإتهامات هو الموت وقد حُكم علي في هذه المحكمة بالإعدام ذلك لأن في منطق المافيا الرجوي الإرهابية «كل من ليس معنا فهو ضدنا» ومن وجهة نظرهم بما أن هذا العميل أصبح ليس منهم فهو إذن في صفوف حراس الخميني وأقل عقوبة يستحقها هي الموت. وكانت كلمات مخرجي هذه المحكمة المسرحية المهزلة تدور حول «بناءً علي إرادة القيادة فإنه يجب إعدام الخونة قبل إعدام حراس الخميني».
السيد الرئيس :
اسمح لي أن اُسهب وأطيل في حديثي :
لقد كانت الكائنات الممسوخة والتي تفتخر بأنها جنود مسعود رجوي قد أخذت تسحبني من المعتقل إلي المحكمة وهي تُكيل لي الشتائم والسباب والإهانات إضافة إلي الضرب الركل والصفعات وفي لحظة غفلتهم استطعت أن أهرب من أيدي هؤلاء الوحوش الكاسرة وأخذت أركض في الشارع الرئيسي لمقر أشرف الذي كانت تحرسه ثلة من الجنود العراقيين وأصرخ طالبا النجدة. وبعد لحظات حاصرتني عدة عربات مسلحة بالرشاشات يستقلها (20) عشرون عنصراً من جنود مريم ومسعود رجوي وانهالوا عليّ ضربا وركلا بكعوب البنادق حيث اُغمي عليّ بعد دقائق ثم شعرت بصب المياه علي وجهي فأفقت من الإغماء وبعد لحظات وجدت نفسي مقيداً ومكبلا بالأغلال ومحشورا في كرسي في وسط قاعة المحكمة حيث انهالت عليّ الوحوش الكاسرة مرة اُخري بالضرب والركل وأعلم أن تصوّر وتصديق مثل هذا المشهد يصعب عليكم ، ذلك لأن تصور مثل هذه المشاهد حتي في الأفلام خارجة عن التصديق ، ولكن أرجو أن تصدقوني لأنها هي الحقيقة والواقع. وفي هذه الأثناء هجم علي أحد جنود مريم ورجوي واسمه محمود تورينة وكان قد جاء من أمريكا ، ومن فرط غضبه عضّ أذني بأسنانة وقال لي : «أقطع الأمل من حياتك. إن قتلك أمر مفروغ منه وسوف أُخرج من القيادة من بلعومك».
وربما تتساءلون ماذا يعني حق القيادة؟! ولكنكم سوف تجدون الإجابة بعد الانتهاء من قراءة هذا التقرير.
نعم يا سيادة الرئيس :
إنني أتحدث معكم عن حمل وعبء ثقيل حملته علي كاهلي طوال حياتي. فقد لجأت إلي مجاهدي خلق وبهذه التجربة المريرة والشاقة التي عشتها سنين طويلة وصلت إلي هذه النتيجة وهي أنه لا يمكن ركوب سفينة الاستبداد مع المجموعات الإرهابية أمثال منظّمة مجاهدي خلق وعلي حد قول الشاعر الإيراني :
الذات التي لم تحصل علي وجودها
*** كيف يمكنها أن تهب الوجود
ويهدف توضيح تقريري هذا ، أري من الواجب أن أشرح لسيادتكم خلاصة التطورات السياسية في إيران منذ عهد حكومة الدكتور مصدق (1951 ــ 1953) ولحد الآن.
بعد مجيء الحكومة الوطنية للدكتور مصدق ، استطاع الشعب الإيراني أن يتنفس الصعداء ويحصل علي القليل من الحرية السياسية نسبياً ولكن هذه المسيرة لم تتواصل حيث تورط الشعب الإيراني مرة اُخري بالديكتاتورية بعد انقلاب 28 مرداد عام 1332 (1953) الذي حظي بتأييد العالم الحر والغرب مع الأسف. وكان هذا التصور سائداً في ذلك الوقت وهو ضرورة التضحية بالديمقراطية في إيران من أجل المصالح العالمية وبهدف الوقوف بوجه الشيوعية حيث تمت الحيلولة دون وصول الاتحاد السوفيتي إلي المنطقة الحيوية في الخليج الفارسي وذلك بإقامة دولة استبدادية في إيران. وبعد الانقلاب المذكور فإن الأحزاب بدأت نشاطاتها بشكل سري ومع الملاحظات البوليسية المشددة ، أصبحت النشاطات السياسية أكثر سرية.
وفي تلك السنوات ، اُعدم العديد من المفكرين الإيرانيين الأحرار بمراكز التعذيب بعد بقائهم فترة طويلة في تلك السجون وبدأ عصر أسود من الصمت والكبت يُطبق علي إيران ولم يكن لأحد حق الإعتراض حيث تُسكنه عناصر شرطة السافاك (الجهاز الأمني للشاه) إذا تفّوه بأي رأي معارض كما كانت قوات الشرطة تلاحق كل صوت حر ولم تكن المطبوعات حرة وكان وجود كتاب يحتوي علي نظريات مضرة حسب وجهة النظام البهلوي حتي ولو كان في المحيط العلمي والجامعي ، معناه الاعتقال والسجن لصاحبه أو قارئه وأن هذا الضغط البوليسي وفتح الأبواب مشرعة للنظال المتطرف حيث بدأ بعض الشبان بتشكيل خلايا سرية للنظال المسلح بإعتبار السبيل الوحيد لمجابهة النظام. وفي عام 1960 ظهرت حركتان أحداهما بإسم (فدائيي خلق إيران) وعقيدتها ماركسية والأخري بأسم (منظّمة مجاهدي خلق إيران) وأيديولوجيتها نصف دينية ونصف ماركسية وبدأ المجاهدون بالعمليات المسلحة والإرهابية وقتل المسؤولين في الدولة وأقاموا علاقات نشطة مع النظام البعثي في العراق والمجموعات الثورية الفلسطينية. وفي عام 1971 استطاع السافاك أن يعتقل قادة هاتين المنظمتين وكوادرهما المركزية حيث أعدم بعضهم لكن باقي تنظيم المجاهدين واصل نشاطاته وعمدوا إلي العمليات الإرهابية وقتل شخصيات النظام البهلوي وعدد من الضباط الأمريكيين وكانت هذه العمليات سببا في تشديد القمع من قبل النظام البهلوي وعمدت شرطة السافاك إلي الملاحقة والاعتقال بصورة أكثر وحتي أنها قتلت دون رحمة العديد من النشطين السياسيين الذين لم تكن لهم علاقة بالعمليات المسلحة. ونتيجية لهذه الأساليب القمعية الشديدة وصلت نشاطات المجموعات السرية بالنسبة للنضال المسلح إلي الصفر وقام السافاك بالقضاء علي أبسط النشاطات السياسية الديمقراطية. وفي منتصف السبعينات تمكنت الضغوط العالمية والمحافل الدولية لحقوق الإنسان أن تجبر نظام الشاه الديكتاتوري أن يكف عن قتل المعارضين السياسين للنظام. وضمن مواصلة هذه الضغوط وبدعوة من السيد جيمي كارتر رئيس الولايات المتحدة آنذاك ، وافق النظام البهلوي علي بدء مرحلة جديدة من الأجواء السياسية المفتوحة فاستطاع الشعب الإيراني أن يمارس هذه التجربة ولكن وبسبب القمع الذي مارسته الحكومة خلال خمسين عاماً الماضية ضد القوي الديمقراطية فإن هذه الأجواء السياسية المفتوحة أدت إلي المضاهرات المسيرات الجماهيرية الكبيرة والتي وصلت في النهاية إلي إسقاط النظام البهلوي.
وبعد ثورة 1979 وتحرير السجناء السياسيين من سجون السافاك فقد بدأت بصورة جدية نشاطات الأحزاب والمجموعات السياسية ومن ضمنها منظّمة ميليشيات فدائيّي خلق إيران ومنظّمة مجاهدي خلق إيران وكانت هذه المنظّمة الأخيرة قد شعرت بأنها حتي بإسقاط النظام الشاهنشاهي فإن أهدافها لم تتحقق وأرادت مواصلة نضالها بنفس الأساليب السابقة. إن منظّمة مجاهدي خلق التي تتكون أيديولوجيتها الفكرية من مزيج من الماركسية والإسلام والأساليب النضالية للفرق الصوفية الإيرانية في القرون الماضية ، خاصة فرقه حسن صباح والتي كانت تناضل من أجل إيجاد مجتمع موحد لا طبقي ، بدأت في تلك السنوات بعد الثورة بتشكيل وحدات عسكرية علي شكل ميليشيات ثورية كاملة ثم بدأت جهوداً مكثفة في طرح شعارات مضادة للغرب وأمريكا وشاركت في الهجوم علي السفارة الأمريكية في طهران وذلك بهدف جلب أنظار وعطف الخميني وربما المشاركة في الحكم وعندما تبخرت أحلامها ، حاولت بكل جهد من أجل إيجاد توتر في الجو السياسي لتتصارع الأحزاب السياسية مع السلطة الحاكمة وسدت بذلك جميع الطرق في وجه الأحزاب السياسية الأخري لتمارس نشاطاتها السياسية وتصورت بهذا الجو المشحون بالنضال المسلح بأنها المجموعة الوحيدة التي يمكنها مقارعة النظام وتخرج الحكم من قادة النظام الذي ليست له تجارب في الحكم ثم بأخذه لنفسها فقط. ولذلك فكلما تهيأت الظروف لمواصلة النشاطات السياسية السلمية كانت منظّمة مجاهدي خلق تقوم بتدخلاتها المتوترة مما يؤدي إلي جر الجو السياسي إلي القمع والعنف.
وقامت منظّمة مجاهدي خلق في السنين الأولي من الثورة بإظهار أساليبها الفاشية والاستبدادية بصورة كاملة فلم تكن هذه المنظّمة مستعدة حتي لمرة واحدة فقط بالجلوس علي مائدة المحادثات مع سائر الأحزاب والمجموعات السياسية الأخري.
لأنها كانت لا تريد مشاركة أي تنظيمات سياسية اُخري في ذرة واحدة من القدرة الموهومة لها التي تقوم علي الحرب والاشتباكات.
وبمرور الزمن أصبح واضحا بأن حسابات منظّمة مجاهدي خلق كانت لا أساس لها بالمرة. ثم جاءت فترة المواجهة وثبت تماماً بأنها لا تتمتع بذلك الدعم الجماهيري الواسع الذي كانت تتصوره. وعلي عكس تصورات هذه المنظمة فإن الخميني والقادةَ الآخرين في الجمهورية الإسلامية لم يكونوا بسطاء وبلا تجارب.
لقد كانت مجابهة منظّمة مجاهدي خلق مع النظام الخميني في وقت أصبحت فيه الحرب الدموية مستعرة بين الشعب الإيراني وحكومة العراق وأن ادعاءات صدام حسين التوسعية التي توضحت في عدوانه علي الكويت وأوجدت أزمة في الخليج الفارسي ليست ادعاءات جديدة ، فقط بدت أطماعه قبل عدة سنوات في عدوانه علي جيرانه عام 1981 عندما تصور بأنه يستطيع أن يضم ويحتل محافظة خوزستان بعد وقوع الثورة الإيرانية. تلك المنطقة الغنية بالنفط والمناجم. وكان هجوم النظام العراقي في بداية الأمر ناجحا حيث استطاع أن يحتل مدينة خرمشهر الاستراتيجية وأن يتقدم في أعماق محافظة خوزستان وكانت المقاومة الجماهيرية وعزم الشعب الإيراني هما اللذان أوقعا لهزيمة بهذا العدوان التوسعي الدموي. وفي هذا الوقت الذي وضعت القوي السياسية والجماهير كل إمكاناتها ونشاطاتها في سبيل الدفاع عن وحدة الأراضي الوطنية الإيرانية قدمت منظّمة مجاهدي خلق شروطاً عجبية من أجل المشاركة في هذا الدفاع حيث لا يمكن لأية دولة أن تقبل بهذه الشروط المخلة بسيادتها علي جميع أراضي الوطن وأعلنت منظّمة مجاهدي خلق للحكومة الإيرانية بأنها علي استعداد للإشتراك في الدفاع عن الوطن بشرط أن تضع جهة مستقلة تحت تصرفها وأن تكون القيادة العسكرية لجبهة الحرب هذه بيد منظّمة مجاهدي خلق وبدون تدخل وإشراف الحكومة أو الجيش الإيراني مما أدي إلي رفض الحكومة الإيرانية تماماً لأن الشروط تمس بصورة صريحة حق السيادة الوطنية. وكانت هذه المبادرة إلي جر إيران إلي مصير يشبه ما تواجهه أفغانستان الآن.
وعندما سمع السيد رجوي الرد السلبي للحكومة الإيرانية لاقتراحه ووجد أن جميع مخططاته الرامية للوصول إلي السلطة قد باءت بالفشل ، عمد الممارسات الجديد من أجل إسقاط النظام الخميني وكانت مظاهرات شهر ارديبهشت عام 1360 (1981) في طهران تقييما للقوي من أجل المجابهة مع النظام الخميني وكانت التقارير الداخلية في المنظّمة تشير إلي الدعم الجماهيري الواسع للمنظّمة وإذا حصلت المواجهة فإن النظام الخميني سيسقط خلال ثلاثة أشهر بشرط أن يكون النظام العراقي قد احتل محافظة خوزستان وقسما من محافظة إيلام وكان تحليل قادة منظّمة مجاهدي خلق يعتبر اشتباك القسم الأعظم من القوات المسلحة الإيرانية المؤيدة لحكومة الجمهورية الإسلامية في جبهات القتال مع الجيش العراقي ، فإن الفرصة مواتية لاحتلال المراكز العسكرية والحكومة في المدن الإيرانية الكبيرة من قبل قوات منظّمة مجاهدي خلق الإيرانية لأنها خالية من القدرة الدفاعية وعلي أساس هذا التقرير بدأت الاستعدادات الجدية للمواجهة مع النظام الخميني وبدأ هذا الاشتباك المسلح في 30 خرداد عام (1981) ذهب ضحيته عدد كبير من الشعب الإيراني البريء في طهران والمدن الإيرانية الكبري. كما تم القبض علي العديد من أعضاء منظّمة مجاهدي خلق وألقوا في السجون وبذلك بدأ السيد مسعود رجوي في الولوج في ساحة القتال ودخلت قوات المنظّمة بصورة علنية إلي ساحة المواجهة هذه القوات التي أطلق عليها رجوي اسم الميليشيات تقليدا للبلاشفة الروس ووقف إلي جانب بني صدر رئيس الجمهورية آنذاك بلغت الاختلافات بينه وبين الخميني إلي أوجها. ولابد من الإضافة بأن منظّمة مجاهدي خلق لم تكن لها أية عقيدة ببني صدر حيث ظهر ذلك في الأحداث التي تلتها وتبيّن أن العمل الذي قامت به المنظّمة لم يكن سوي مناورة تكتيكية هدفها الاستفادة من التناقضات للوصول إلي السلطة ووصلت هذه النضالات الدموية التي كانت تطمح لها دائما منظّمة مجاهدي خلق إلي أوجها وواجهت الفشل السريع وانتهت بفضيحة قادتها. ولكن بأي ثمن؟ كان ثنمها دماء آلاف الشبان الإيرانيين الذي غررت بهم شعارات رجوي وكذلك دماء مئات الشبان المتعصبين والمدافعين عن النظام الخميني الذين قتلوا في عمليات المنظّمة وبثمن خروج بني صدر من الساحة و لكن هذه الهزيمة لم تعطي درسا للسيد رجوي المبرمج الاستراتيجي لكل تلك المصائب والويلات.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى