الانتحار؛ العمل المثالي لحماية المعلومات

الحلقة الخامسة من لقاء مؤسسة اسرة سحر مع السيدة بتول سلطاني العضو المنفصلة عن مجلس قيادة منظمة خلق حول العمل الانتحاري

 الانتحار؛ العمل المثالي لحماية المعلومات

 اسرة سحر: السيدة سلطاني نود ان تحدثينا قليلا عن عملية الانتحار الدفاعي ، حيث يلزم الافراد بالانتحار والقضاء على انفسهم لمجرد امتلاكهم للمعلومات السرية ، اولا ما هي تلك المعلومات وماهي موضوعاتها وماهي آلية ووسائل هؤلاء الافراد التي يجب عليهم الانتحار بها في حينها؟

السيدة بتول سلطاني: بصورة عامة يمكن تقسيم ذلك على قسمين احدهما عند التنقل من نقطة الى اخرى وهذا كما كان يحدث في العراق حين الانتحار؛ العمل المثالي لحماية المعلوماتالمشاركة وحضور الاجتماعات المختلفة فمثلا عندما نريد الذهاب من معسكر أشرف الى مقرات القيادة في العراق والحال نفسه عندما نروم السفر من العراق الى فرنسا واوربا او التنقل لضرورة في اوربا ففي جميع هذه الحالات كان علينا الالتزام بالتدابير الامنية وخصوصا تلك التي تتعلق بحماية المعلومات لما لها من اهمية بالغة ، القسم الثاني هو امكانية تعرضنا لهجوم من الخارج اثناء تواجدنا في مكان استقرارننا فمثلا عندما كنا في معسكر أشرف وماجرى من حوادث منها مجيء الامريكان الى المنطقة عندها اصبح للموضوع اهميته  قد يكون التعرض لأشرف من قبل الامريكان هو من اجل التفتيش او لاي سبب اخر كالاطلاع او من قبل القوات العراقية المهم ان مكان تواجدنا قد تعرض وبصورة ما لخطر من الخارج او حتى عند الشك والظن بذهاب واياب شخصين بشكل عادي وطبيعي جدا والذي قد ينجر الى الاعتقال ويسبب حدوث مشاكل فيما بعد وكمثال على ذلك هو ما حدث بعد هجمات 11ايلول الارهابية حيث التشدد من قبل شرطة مكافحة الارهاب مما ادى الى صعوبات كثيرة في تنقل اعضاء المنظمة في اوربا.

هذه هي الحالات العامة التي يجب فيها على عضو التشكيلات ان يتلف المعلومات ويتخلص منها كخطوة اولى ثم عليه بالانتحار بمجرد شعوره الخطر وسأقدم الان توضيحا حول الموضوع وعوامله بصورة اكثر؛ فمثلا لحضور اعضاء مجلس القيادة المتواجدين في معسكر أشرف اجتماعات القيادة في مقر بارسيان (مكان اقامة مسعود رجوي في العراق قبل احتلاله من قبل الامريكان) كان ذلك وبشكل دقيق عام 2001 م ، تظهر البساطة والسهولة على هذا التنقل الا انه في الحقيقة يخضع لاصول وتدابير امنية سأشير اليها فيما بعد، الموضوع هو كيفية اتلاف الوثائق عند الشعور بالخطر كان على كل فرد ان تكون لديه خطة جاهزة لاتلاف المعلومات فيقوم ضابط عمليات من تلك المنطقة اولا  بفحص (تدقيق) الخطة لكل شخص اي ان هناك مسؤولا عاما ثم هناك ايضا مسؤولا اخرا لتدقيق امنية المعلومات لكل مجموعة من الافراد في ذلك الوقت وبخصوص المثال المذكور كان محسن نيكنامي هو المسؤول وضابط تدقيق واتلاف حيث كان ضابط للعمليات وهو تحت امرتي لقد سألني حول خطتي لاتلاف المعلومات بالشكل التالي: الان وانت تذهبين لحضور اجتماع القيادة في مقر بارسيان ماهي خطتك لاتلاف المعلومات، انا وحسب التعليمات التي تلقيتها من المسؤولين كنت على علم انه يجب عليّ عند مواجهة اي خطر استخدام علبة الكحول (الايثانول) التي كنت احملها معي.

هذا وكنت قد تلقيت مسبقا التوجيهات بخصوص علامات وضع الاضطرار والشعور بالخطر فمثلا سماع اطلاق عيارات نارية او الاحساس بالمراقبة والمتابعة والمحاصرة او حدوث اصطدام مصنّع مشكوك فيه او حالات غير متوقعة اخرى يحتمل وجود خطر فيها فكان عليّ في حالة ظهور اي من تلك الاحتمالات ان اتلف الوثائق التي كانت بحوزتي وكذلك وثائق اعضاء مجلس القيادة الاخرين ، كيفية اياب وذهاب (تنقل) اعضاء مجلس القيادة فهو موضوعا اخرا بحد ذاته فمثلا لم يكن بصورة ان ينقل الجميع في سيارة كبيرة تسعهم وعلى مرحلة واحدة لا بل يقسمون الى مجاميع  صغيرة ترسل كل منها في سيارة على حدة فمثلا تأخذ السيارة الاولى حركتها بالسير نحو المقصد ثم يأتي دور السيارة الثانية ويكون الفاصل الزمني فيما بينهما وكحد اقل هو زمان حركة السيارة الاولى وحتى وصولها المكان المقصود وهو يخضع لضوابط وقيود خاصة احدهما ما ذكرته (تسلسل الحركة) او مثلا التأكد من سلامة الطريق ثم الحركة وقد يطول الفاصل الزمني بين حركة سيارتين الى ساعتين في بعض الاحيان رغم ذلك كان يجب الالتزام بالضوابط بشكل دقيق هذه هي الصورة التي تتم فيها الحركة.

الموضوع الاخر هو الضوابط الخاصة التي تحكم هذه المجموعات ، يعيين مسؤولا لكل سيارة مهمته تدمير السيارة بشكل كامل اضافة الى ذلك يعيين افراد اخرين ليكون كل منهم مسؤولا عن ثلاثة افراد من المتواجدين في السيارة ليتخلص من وثائقهم فهو يعلم بمكان الوثائق اي يعلم بكيفية اخفاء الوثائق من قبل الافراد الذين هم تحت امرته لكي يذهب وبصورة مباشرة لاتلاف الوثائق عند شعوره بان من تحت امرته قد واجه الخطر او حدث له شيء بالاضافة الى كل هذا التقسيم كان على كل منا وعند احساسنا الخطر الاسراع باتلاف وثائق من يجلس الى جانبنا ايضا بواسطة علبة الكحول التي كنا نحملها معنا ، كان التأكيد دائما انه يجب عليكم وفي اول فرصة العمل على اتلاف هذه الوثائق ثم الانتحار يمكن القول اتلاف هذه الوثائق يقدم على انتحارنا.

بعد هذا التوضيح عن حماية هذه الوثائق والمعلومات قد يتبادر هذا السؤال ماالذي تحويه هذه الوثائق والمعلومات بحيث تنال هذه الاهمية ومامدى اهمية العلم بها من قبل الاخرين تجدر الاشارة الى ان هذه المعلومات والوثائق ليس لها اي علاقة بمحتوى ومضمون ذلك الكتاب المعروف لمجلس القيادة الذي اشرت اليه في حلقة سابقة لان ذلك لايمكن كتابة اي شيء منه بل كان يوزع علينا في الاجتماع وما علينا الا قراءته وحفظه بسرعة في الاجتماع ولايسمح لاحد بكتابة اي شيء عنه (ملاحظة، خلاصة،…) اذن ذلك الكتاب وبعنوان معلومات ووثائق سرية ليس له محلا من الاعراب حيث قد ادخرنا كل معلوماته في ذاكرتنا ومن الصعب على الاخرين الوصول اليه اذن لماذا كل هذه الحماية والحصار الامني؟ كل ذلك بسبب دفاتر الملاحظات الشخصية لكل فرد التي يحملها معه والتي لا تحتوي الا على اقل مايمكن من معلومات شخصية وقد تحتوي على ملاحظات للاحداث اليومية (ملاحظة صغيرة عن موضوع عمل، اشارة الى تاريخ معيين (للتذكرة) او حتى كتابة آية قرانية او اي شئ اخر ضمن هذه الحدود) فمثلا اني قد وقعت على شيء ما والان جئت وكتبت ملاحظة تخصه (تاريخه وموضوعه) او مثلا شاركت في اجتماع وكتبت جملة مختصرة عنه علما بان اخراج مثل هذه الملاحظات من اجتماع يعتبر جريمة وتجاوزا لذا فقد كانت تعرض جميع دفاتر و لوازم الافراد الشخصية للتفتيش عند الخروج واتذكر ان كيتي هي المسؤولة عن هذا العمل احيانا نتمكن من اخراج ملاحظة او اكثر من الاجتماع ليس فيها شيء من السرية بمفهومها الخاص مطلقا ونحتفظ بها في دفاترنا هذا كل ما في الامر اما المعلومات السرية فطرق انتقالها تختلف بصورة كلية ونحن لا نعلم عنها شيء  لم يكن نقلها عن طريق السيارات او بصورة عادية.

اسرة سحر: في الحقيقة ان جميع هذه التدابير الامنية والتي تنتهي بالقضاء على الفرد واتلاف ما يحمل من معلومات هي بسبب هذه الدفاتر الشخصية؟

السيدة بتول سلطاني: نعم هي كذلك، كل ما في هذه الدفاتر قد يكون وكحد اكثر ملاحظة عن موضوع وما قد وضعناه في جيب ملابسنا او في حقائبنا اليدوية او قد يكون عبارة عن رقم تلفون يحتمل ان نحتاجه في وقت ما او قد يكون تاريخ لتوقيع على تعهد تعهدنا به اتذكر قد اخذ تعهد مني في مجلس القيادة وقد بدأ بهذه الاية "انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا" رغبت بحفظها والاحتفاظ بها او مثلا كتبت خلاصة في سطرين عن لقاء وملاقاة ما  هذه هي حقيقة موضوع اتلاف الوثائق فهو يتعلق بهذه الامور ليس الا ، الحال نفسه في الخارج اتذكر حادث تنقل في اوربا لابأس من الاشارة اليه: خرجنا من اجتماع واخذنا معنا بعض ارقام التلفونات كي نتمكن وعند الحاجة من الاتصال مرة اخرى فيما لو حدث شيء وانفصلنا عن بعضنا لاي سبب من قبل الشرطة الفرنسية او البريطانية (المنظمة لم تسمح حتى باصطحاب هذه الارقام) لا يسمح باصطحاب اي شئ كتاب ، اي وثيقة تدل على علاقتنا بمنظمة خلق او اي شيء يدل على وجود علاقة حتى بالشخص الذي يرافقنا الى الاجتماع او الى اي مكان اخر اثناء التنقل في الخارج من مكان الى اخر.

ان كل مانحمله معنا لا يتجاوز مبلغ 100 باوند مع رقم تلفون ضروري اضطراري ولاغير ويجب على المرافق ان يعلم بمكان اخفائه في اي جيب او اي مكان في الحقيبة للتصرف واتلافه عند الحاجة كي لا يقع بيد الاخرين ، نفترض مثلا ان معي رقم تلفون ترانة داوران في هذه الحالة يجب على الاخرين معرفة ذلك لاخراجه من جيبي وه اتلافه بتقطيعه الى قطع صغيرة جدا ورميها في قمامة الاوساخ او ابتلاعها عند الاحساس بالخطر كي لا يقع رابطنا بيد الشرطة.

بهذه الصورة تتم العملية في العراق وبصورة اكثر تشددا في اوربا بسبب ازدياد احتمال تضررنا وانكشافنا بالاضافة الى انه لم يكن هناك من يدعمنا من حكومة وجهاز امني واستخباراتي مثل ماكان يفعل صدام ، من جهة اخرى وكما ذكرت وبسبب الاعمال الارهابية لتنظيم القاعدة فقد تضاعفت المراقبة والمتابعة والتفتيش مما حتم علينا اتخاذنا الحذر في موضوع ارتباطنا مع البعض وحول المعلومات ايضا ، طبعا فرض علينا الانتحار كاول واخر اسلوب دفاعي في مواجهة هذه الاخطار.

اسرة سحر: اتخاذ هذه الاجراءات كان على اساس واقعي او امكانية وقوع مثل هذه الحوادث؟

السيدة بتول سلطاني: نعم، كان على اساس وقائع وامور قد حدثت، فمثلا انفصل شخص باسم برويز لطفي عن المنظمة وقد اعد  مخططا لهروبه اولا ثم بعد ان تمكن من الهروب ذهب وسلم للشرطة الفرنسية وادلى بما لديه من معلومات عن المنظمة وذكر ان حياته معرضة للخطر وقد طلب اللجوء والمساعدة وبعد عدة ايام عاد برويز مرة اخرى الى التشكيلات ثم انفصل عنها مرة اخرى وهو الان يقضي حياته في سكوت وعزلة  الا انه وبسبب هروبه هذا ولجوئه للشرطة قد اثار وازعج مسعود رجوي (كان ذلك في عام 93-94) لقد كلف التشكيلات ومسعود الكثير ، عندما كنت انظر الى نتيجة هذا الحادث في العراق كنت اقدر الى اي مدى قد تأثر وانفعل رجوي ، وعند انهاء الموضوع اتخذ قرارا ويبدو منطقا يقضي بعدم السماح بحمل الوثائق والمستمسكات الشخصية من قبل الافراد اثناء تنقلهم في الخارج وفيما بعد تقرر سحب المستمسكات الشخصية (جواز السفر ، الجنسية) من الافراد عند وصولهم المطار في اوربا ونحن ايدنا هذا القرار والزم الجميع وفي اي مستوى تنظيمي كان بتسليم جواز سفره الى ممثل المنظمة حال وصوله اوربا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى